تشير دراسة حديثة، اعتمدت على تقنيات تصوير متطورة، إلى أن تراكم الدهون في منطقة البطن قد يشكّل خطرًا صامتًا على صحة القلب لدى الرجال.
أظهرت نتائج الدراسة أن الدهون المتراكمة في البطن ترتبط بتغيرات أكثر ضررًا في بنية القلب مقارنة بالاعتماد على الوزن العام للجسم وحده. وقد عُرضت هذه النتائج خلال الاجتماع السنوي لجمعية الأشعة في أمريكا الشمالية (RSNA)، حيث شدد الباحثون على أهمية التدخل المبكر للحد من المخاطر المتعلقة بأمراض القلب.
توضح الباحثة الرئيسية جينيفر إرلي، الطبيبة في المركز الطبي الجامعي هامبورغ-إيبندورف، أن سمنة البطن أو ارتفاع نسبة محيط الخصر إلى الورك تؤدي إلى تغيّر غير طبيعي في شكل القلب يُعرف بـ"الضخامة المركزية".
في هذا النمط، تصبح عضلة القلب أكثر سماكة من دون زيادة في الحجم الكلي للقلب، ما يضيّق حجراته الداخلية. ونتيجة ذلك، يحتفظ القلب بكمية أقل من الدم ويضخ كمية أقل، وهو ما يضعف قدرته على الاسترخاء الطبيعي وقد يؤدي لاحقًا إلى قصور القلب.
واعتمدت الدراسة على تحليل صور الرنين المغناطيسي القلبي لدى 2,244 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 46 و78 عامًا، من دون تشخيص سابق بأمراض القلب. واستخدم الباحثون مؤشر كتلة الجسم لقياس السمنة العامة، ونسبة الخصر إلى الورك لقياس السمنة في البطن.
الرجال أكثر عرضة لهذه التغيرات
بينت الدراسة أن سمنة البطن شائعة بدرجات مرتفعة، إذ بلغت نسبتها 91% لدى الرجال و64% لدى النساء بحسب معايير منظمة الصحة العالمية.
كما أظهرت أن السمنة العامة ترتبط بتضخم حجرات القلب، فيما ترتبط السمنة في البطن بزيادة سماكة عضلة القلب وانخفاض حجم الحجرات، وقد ظهرت هذه التغيرات بشكل أوضح لدى الرجال.
ورصد الباحثون أيضًا تغيرات دقيقة في أنسجة القلب لدى الرجال، لا تظهر إلا من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي المتطور، وقد تعكس بداية اضطراب في القلب قبل ظهور أي أعراض. وبقيت النتائج ثابتة حتى بعد احتساب عوامل الخطر مثل ارتفاع ضغط الدم، والتدخين، والسكري، والكوليسترول.
الوقاية تبدأ من تغيير العادات
ترى إرلي أن الوقاية لا تعتمد فقط على خفض الوزن العام، بل على الحدّ من تراكم الدهون في منطقة البطن عبر ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء متوازن، والمتابعة الطبية عند الحاجة.
وترجّح الدراسة أن تكون الأضرار الأكبر لدى الرجال مرتبطة بظهور سمنة البطن في عمر مبكر وبشكل أكثر حدّة، أو ربما نتيجة التأثير الوقائي لهرمون الإستروجين لدى النساء.
ويشدد الباحثون على ضرورة أن يعطي الأطباء اهتمامًا أكبر لسمنة البطن، باعتبارها عامل خطر مباشر يستدعي الفحص المبكر. وتقول إرلي إن اختصاصيي الأشعة غالبًا ما يربطون تغير شكل القلب بارتفاع الضغط أو أمراض مزمنة أخرى، من دون إدراج السمنة في البطن كسبب محتمل. وترى أن نتائج الدراسة يجب أن تدفعهم إلى إعادة النظر في ذلك، إذ قد تكون الدهون المتراكمة في هذه المنطقة مسؤولة عن هذه التغيرات.