يشير محللون غربيون وأوكرانيون إلى أن الدفاع عن بوكروفسك قد يمثل تكراراً لأخطاء سابقة شهدتها أوكرانيا في مدن مثل فوهليدار وكورسك، حيث تردد الجيش في الانسحاب من مواقع مهددة رغم ضعف موقعه الدفاعي.
تتصاعد المعارك في مدينة بوكروفسك الاستراتيجية شرق أوكرانيا، حيث تحاول القوات الروسية إحكام سيطرتها على المدينة، بينما يدرس الكرملين استئناف التجارب النووية رداً على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ونفت هيئة الأركان الأوكرانية يوم الأربعاء المزاعم الروسية حول إحاطة قواتها في بوكروفسك، مؤكدة أن تعزيزات تُرسل إلى الأجنحة حول المدينة والمدينة القريبة ميرنوهـراد.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد زار القوات شمال بوكروفسك، شاكراً إياهم على جهودهم في الدفاع عن البلاد.
وتشير الخرائط الميدانية إلى تدهور الوضع بشكل حاد في بوكروفسك، حيث تشير إلى أن القوات الروسية باتت على بعد بضعة كيلومترات فقط من محاصرة ما تبقى من القوات الأوكرانية.
بوتين يرد على تصريحات ترامب بشأن التجارب النووية
بعيداً عن الجبهة، طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من كبار المسؤولين وضع مقترحات لإجراء اختبارات نووية محتملة، في رد مباشر على تصريحات ترامب حول استئناف الولايات المتحدة لهذه التجارب.
وأكد بوتين، خلال اجتماع مجلس الأمن في موسكو، أن روسيا "ستنظر في هذا الخيار بجدية" إذا ما بادرت الولايات المتحدة إلى كسر الجمود النووي للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
وأصدر الرئيس الروسي أوامر مباشرة إلى وزارتي الدفاع والخارجية والأجهزة الأمنية الروسية بجمع المعلومات اللازمة حول الملف النووي، وتقديم مقترحات تتعلق بـ"التحضيرات المحتملة" لبدء اختبارات جديدة على الأسلحة النووية.
وأكد بوتين أن روسيا التزمت بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، محذراً من أنه إذا قامت أي قوة نووية بالاختبار، فستتبع موسكو نفس الخطوة.
وفي الأسابيع الأخيرة، أجرت روسيا اختبارات على صاروخ بوريفستنيك وطائرة بوسيدون تحت الماء، رغم أن كلاهما قادر على حمل رؤوس نووية، إلا أنها لم تكن اختبارات لقنابل نووية فعلية.
بوكروفسك: محور استراتيجي ومعركة حاسمة
تعد بوكروفسك مدينة حيوية على خط لوجستي رئيسي وتُعد بوابة إلى دونيتسك، المدينة التي كان يسكنها حوالي 50 ألف نسمة قبل الحرب تقع على طريق يربط شبكة من المدن الرئيسية، والتي تمثل آخر خط دفاع رئيسي لأوكرانيا في المنطقة.
وقد كثفت القوات الروسية هجماتها في الأسابيع الأخيرة، بدءاً بمجموعات صغيرة من المشاة ثم توسيع الهجوم لتشمل قوات أكبر في محاولة لاختراق المدينة.
وأظهرت صور مشروع "ديب ستيت" الأوكراني، الذي يتابع الخطوط الأمامية، تقدم القوات الروسية داخل المدينة ومحيطها، رغم أن معظم المناطق لا تزال متنازع عليها.
وكتب الجندي الأوكراني أرتيم كاريكين على منصة x: "لا توجد أخبار جيدة؛ الوضع لا يزال متوتراً، والقوات الروسية متواجدة في كل حي من أحياء المدينة".
العمليات الخاصة الأوكرانية والتحديات الميدانية
ونشرت أوكرانيا قوات خاصة في بوكروفسك خلال عطلة نهاية الأسبوع لمحاولة قلب المعادلة ومنع الحصار، وأظهرت لقطات عمليات وحدة "تيمور" هبوط مروحيات تحت نيران العدو واشتباكات شوارع عنيفة وضربات بطائرات مسيرة على مواقع روسية.
مع ذلك، لا يبدو أن هذه العمليات قد غيرت الوضع لصالح أوكرانيا، وسط مخاوف من استمرار تعريض الجنود لمخاطر كبيرة في معركة قد تكون خاسرة.
ويشير محللون غربيون وأوكرانيون إلى أن الدفاع عن بوكروفسك قد يمثل تكراراً لأخطاء سابقة شهدتها أوكرانيا في مدن مثل فوهليدار وكورسك، حيث تردد الجيش في الانسحاب من مواقع مهددة رغم ضعف موقعه الدفاعي.
الضغوط والتحديات على الجيش الأوكراني
يعاني الجيش الأوكراني من نقص حاد في الأفراد والمواد، إضافة إلى هجمات متواصلة بالطائرات المسيرة الروسية التي تعطل خطوط الإمداد.
كما أدخلت موسكو مؤخراً قنابل تعمل بالطاقة النفاثة، قادرة على ضرب أهداف خلف الخطوط الأمامية، ما يضاعف الضغط على الدفاعات الجوية الأوكرانية.
وتأمل كييف ألا يستخدم سقوط بوكروفسك كقاعدة لانطلاق هجوم روسي نحو كراماتورسك وسلوفيانسك، أكبر المدن الأوكرانية في دونيتسك.
ورغم استمرار التقدم الروسي، إلا أنه بطيء ومكلف، ويثير تساؤلات حول قدرة موسكو على مواصلة الهجوم.
وفي شمال خاركيف، دخلت القوات الروسية مدينة كوبيانسك الاستراتيجية، فيما تنفي أوكرانيا أن تكون محاصرة بالكامل، مؤكدة أن وحداتها تحاول القضاء على نحو 60 جندياً روسياً داخل المدينة.
وتتزامن هذه التطورات مع توقف شبه كامل للاتصالات الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن حول حرب أوكرانيا، في ظل استمرار العقوبات الأمريكية الصارمة على قطاع الطاقة الروسي وحجب الأسلحة طويلة المدى عن كييف.