لوّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، بإمكانية استئناف بلاده التجارب النووية، في حال أقدمت واشنطن على الخطوة ذاتها، ويأتي ذلك بعد إعلان واشنطن استعدادها لاستئناف اختبار ترسانتها النووية.
أكد بوتين، خلال اجتماع مجلس الأمن في موسكو، أن موسكو "ستنظر في هذا الخيار بجدية" إذا ما بادرت الولايات المتحدة إلى كسر الجمود النووي للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
وأصدر الرئيس الروسي أوامر مباشرة إلى وزارتي الدفاع والخارجية والأجهزة الأمنية الروسية بجمع المعلومات اللازمة حول الملف النووي، وتقديم مقترحات تتعلق بـ"التحضيرات المحتملة" لبدء اختبارات جديدة على الأسلحة النووية.
وقال إنه سبق أن وجّه تحذيرات إلى الولايات المتحدة ودول أخرى من أن "إقدامها على إجراء تجارب نووية سيجبر روسيا على اتخاذ تدابير انتقامية مناسبة".
الدفع نحو التصعيد النووي
في تأكيد على الموقف الروسي المتشدد، أبدى عدد من كبار المسؤولين دعمهم لفكرة استئناف التجارب النووية. وقال وزير الدفاع أندريه بيلوسوف إن "على موسكو أن ترد بالشكل المناسب على تصرفات واشنطن"، داعيًا إلى "البدء فورًا بالتحضيرات لإجراء تجارب نووية شاملة".
أما رئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، فحذر من أن "التأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة سيقوّض قدرة روسيا على الرد السريع على تحركات الولايات المتحدة"، موضحًا أن التحضير لمثل هذه التجارب "قد يستغرق من عدة أشهر إلى عدة سنوات بحسب نوعها".
من جهته، كشف رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية سيرغي ناريشكين أن السفير الروسي في واشنطن، ألكسندر دارشييف، وجّه برقية إلى السلطات الأمريكية لطلب توضيحات بشأن "التصريحات المثيرة للجدل" الصادرة عن الرئيس الأمريكي.
وأضاف أن ممثلين من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية "رفضوا التعليق"، واكتفوا بالإشارة إلى أنهم "سينقلون المعلومات إلى قيادتهم وسيتواصلون مع موسكو إذا رأوا أن هناك حاجة لتقديم إيضاحات".
عودة واشنطن إلى السباق
تأتي تصريحات بوتين بعد أيام من موقف للرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعا فيه إلى اختبار التجارب النووية في بلاده، متهمًا موسكو وبكين بإجراء تجارب سرية تحت الأرض.
وأعلن أنه أصدر أمرًا رسميًا لوزارة الحرب الأمريكية للنظر في هذا الملف، ملمّحًا إلى أن الولايات المتحدة قد تسلك "المسار ذاته" الذي تنتهجه القوتان الشرقية والآسيوية.
ووصف ترامب نظيريه الروسي والصيني بأنهما "قائدان قويان للغاية ولا يستهان بهما"، مضيفًا أنه "لا يريد أن تكون أمريكا الدولة الوحيدة التي لا تجري تجارب نووية"، مشيرًا إلى أن دولًا مثل كوريا الشمالية وباكستان تواصل بدورها اختبار ترساناتها النووية.
سباق الردع
في وقت سابق، أكد ترامب أن الولايات المتحدة "تمتلك أكبر ترسانة من الأسلحة النووية في العالم"، وذلك بعد أيام فقط من تصريحات لبوتين، أعلن فيها نجاح بلاده في اختبار مسيّرة بحرية تعمل بالطاقة النووية وقادرة على حمل رؤوس نووية، مؤكدًا أنها "لا يمكن اعتراضها".
كما أشاد بوتين بنجاح اختبار صاروخ كروز يعمل بالدفع النووي من طراز "بوريفيستنيك"، في إشارة إلى استمرار موسكو في تعزيز وتطوير ترسانتها النووية رغم العقوبات الغربية المفروضة عليها.
وفي حين يدعو ترامب إلى وقف سريع لإطلاق النار في أوكرانيا ويواصل في الوقت نفسه فرض عقوبات على قطاع النفط الروسي، يحرص بوتين على تذكير واشنطن وحلفائها بقدرات بلاده النووية، في رسالة واضحة مفادها أن ميزان الردع لا يزال بيد موسكو.