أسلحة الحرب خارج السيطرة؟ أرقام صادمة عن "الاختفاء والسرقة" في أوكرانيا

رغم أن قضية اختفاء الأسلحة الدولية المُرسلة إلى أوكرانيا لم تغب يومًا عن كونها ملفًا بالغ الأهمية في الحرب المستعرة منذ حوالي 4 سنوات، إلا أن الإعلام الفرنسي عادت ليثيرها مجددًا. إذ نشرت صحيفة "لوباريزيان" تقريرًا مفصلاً حول هذه القضية، تزامن مع منح دول الاتحاد الأوروبي أوكرانيا قرضًا بقيمة 90 مليار يورو بدون فوائد لتمويل الجهود العسكرية.

ويؤكد التقرير أن جذور القلق تعود إلى ما قبل الغزو الروسي، إذ كانت أوكرانيا معروفة كمركز لتهريب الأسلحة في القارة. وتشير التحليلات إلى أن الأسلحة التي تختفي فجأة لدى وصولها إلى كييف، رغم قدرتها التدميرية الهائلة، غالبًا ما تكون صغيرة الحجم بما يكفي لوضعها في صندوق سيارة، مما يثير شكوكًا حول مصيرها.

وفي هذا الإطار، ذكرت "المبادرة العالمية ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود" (GI-TOC) - وهي منظمة سويسرية غير حكومية - في حزيران/يونيو 2024، أن نحو 600 ألف قطعة سلاح قد فُقدت أو سُرقت منذ شباط/فبراير 2022.

أنواع الأسلحة المفقودة

وبحسب بيان وزارة الداخلية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإن أكثر من 491 ألف قطعة سلاح فُقدت أو سُرقت منذ بداية الحرب الشاملة.

وقد تضاعف عدد الأسلحة المفقودة تقريباً بين أيلول/سبتمبر 2024 وأيلول/سبتمبر 2025، وسُجلت أعلى حالات الفقدان في مناطق كييف ودونيتسك وميكولايف.

وأوضحت الوزارة أن البنادق تشكل النسبة الأكبر من الأسلحة المفقودة، بأكثر من 149 ألف وحدة (ما يقارب ثلث الإجمالي)، تليها بنادق الصيد بأكثر من 135 ألف وحدة.

أما البنادق القصيرة والمسدسات المطاطية والقتالية فتمثل نحو ربع المجموع الكلي. وتصدرت بنادق "AK-74" الهجومية قائمة الأسلحة الأكثر فقداناً بأكثر من 99 ألف حالة، تلتها مسدسات "ماكاروف" بأكثر من 21 ألف حالة.

جغرافيًا، تتصدر منطقة كييف القائمة بـ 78.5 ألف وحدة مفقودة أو مسروقة، تليها دونيتسك (72.2 ألف)، ثم ميكولايف ومنطقة كييف (50.1 ألف لكل منهما)، فزاباروجيا (36.9 ألف).

خلفية المسألة

من جهة أخرى، ينقل تقرير "لوباريزيان" عن المحلل الجيوبوليتيكي أولريش بونات قوله: "غالباً ما يغادر الجنود حاملين أسلحتهم معهم، كما هو الحال في جميع النزاعات. كما يضطر بعضهم لبيع الأسلحة المخزنة بحجة فقدانها. وقد ضخم بعض القادة العسكريين أعداد الجنود للحصول على كمية أكبر من الأسلحة، ثم حولوا بعضها".

الجهود والثغرات

لمواجهة هذه المشكلة، أنشأت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوكرانيا برنامجاً باسم "كوروفاي" لتسجيل المساعدات العسكرية وتتبع نقلها، إلى جانب تصميم أنظمة أخرى لتحسين العمليات اللوجستية. ويشير بونات إلى أن "سلسلة التوريد بأكملها إلى أوكرانيا خاضعة للرقابة بالكامل".

كما سبق وأن اتخذت الولايات المتحدة آليات رقابية استناداً إلى دروس سابقة، مثل ما حدث في البلقان. فبعض المعدات مزودة بأجهزة تتبع، ويطلب من الجيش الأوكراني تقديم تقارير منتظمة بشأنها. ويضيف بونات: "حتى عندما تعود المعدات الكبيرة مثل الدبابات إلى بولندا للصيانة، فإن ذلك يُعد أيضاً وسيلة للمتابعة".

مع ذلك، يلمح التقرير إلى ثغرة في نظام المراقبة، الذي يركز غالباً على الأسلحة الأكثر تكلفة، بينما يهمل الأسلحة الصغيرة والخفيفة، رغم أنها الأكثر عرضة للسرقة من قبل التنظيمات الإجرامية والعصابات في أوكرانيا.

ويستدل التقرير بإقرار الجيش الأمريكي في كانون الثاني/يناير 2024 بعدم قدرته على تتبع أكثر من مليار دولار من الأسلحة الصغيرة بفعالية، فيما أشار تقرير لمفتشي الجيش الأمريكي في شباط/فبراير إلى أن وضع المراقبة لم يتحسن.

وعن هذه الثغرة يعلق بونات: "تنتقل المعدات لأسباب تشغيلية إلى الخطوط الأمامية، ولا تنتقل المعلومات بالضرورة عبر سلسلة القيادة بكاملها. ملايين البنادق الهجومية أو الكلاشنيكوفات من المستحيل تتبعها… لكن لدينا رؤية واضحة نسبياً عن مكان المعدات المهمة".

"نفوذ العصابات"

تختتم "لوباريزيان" بالإشارة إلى أن "الجماعات الإجرامية أنشأت أسواقاً ومسارات وسلاسل توريد أكثر تنظيماً"، معتبرة أن حجم المشكلة اليوم أوسع بكثير مقارنة بحالات سابقة في البلقان وأفغانستان.

كما تلفت الصحيفة إلى أن روسيا تستغل هذه القضية لنشر معلومات مضللة، وذلك بتضخيم ظاهرة تهريب الأسلحة عبر أخبار مزيفة، بهدف تقويض الدعم الغربي لأوكرانيا.