المغتربون عن غزة محاصرون بين الحنين للأهل والتهديد بفقدان لقمة العيش
حامد الشاعر شاب فلسطيني من غزة، يبلغ من العمر 34 عاما، ويعمل منذ 13 عاما في السعودية، قصته مع الحصار تعد نموذجا للمعاناة المتكررة التي يتعرض لها أهل غزة المغتربون.
فقد بقي هذا الشاب، الذي يعمل سائقا في السعودية، عالقا في القطاع لأكثر من تسعة أشهر قبل أن يسمح له مؤخرا بالمغادرة والعودة إلى مكان رزقه، بفضل القرار الأخير بفتح معبر رفح طيلة أيام شهر رمضان.
فمنذ 11 عاما، لا يستطيع معظم سكان غزة السفر على الإطلاق في ظل الحصار الإسرائيلي الصارم بعد أن تولت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إدارة شؤون القطاع في العام 2007.
وتعود قصة حامد إلى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما وصل إلى غزة لرؤية أهله، وكانت العائلة تطلب منه أن يستفيد من الزيارة من أجل الزواج بفتاة من الديار، وهو ما تم بالفعل في ديسمبر/ كانون الأول.
ولدى بدء إجراءات العودة اتضح لحامد أن الأمر ليس يسيرا، فعندما ذهب لتسجيل اسمه على قائمة "الانتظار" للمغادرة في وزارة الداخلية بغزة، قيل له أن الأمر سيستغرق أكثر من عام. ففي هذا العام، تم إغلاق معبر رفح لمدة 110 يوما، فيما وصل عدد الأسماء المسجلة على قائمة الانتظار إلى حوالى 25000 شخص.
لذا عمد حامد إلى تكثيف محاولاته لتسريع الإجراءات. فكان يزور وزارة داخلية بشكل مستمر، وحاول التحدث مع أحد مسؤولي الوزارة في مسجد الحي. وفي كل مرة، كان يؤكد على أهمية منحه إذن السفر بأسرع وقت ممكن كي لا يفقد إقامته في السعودية التي تنتهي في شهر يونيو/ حزيران المقبل.
بالنسبة لأهل غزة الذين يملكون المال يوجد خيار آخر، يطلق عليه السكان مجازا اسم "التنسيق المصري"، في إشارة إلى مدفوعات تصل إلى 3000 دولار أمريكي تقدم لوسطاء يدّعون أن لهم علاقات على الجانب المصري لتسريع إجراءات المغادرة.
لكن كلا من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تدير قطاع غزة والمسؤولين في مصر ينفون الحصول على رشاوى في هذا الإطار.
وقال الشاعر إنه وبعد طول صبر وإلحاح تمكن من إقناع مسؤولي حماس بتسريع إجراءات سفره، وتم استدعاؤه السبت ليحضر الأحد إلى صالة الألعاب الرياضية التي تحولت إلى قاعة للمغادرة.
وبسبب كثرة المغادرين لم يتمكن من الحصول على ختم المغادرة إلا يوم الأربعاء، لينتقل بعد رحلة دامت أربع ساعات إلى الجانب المصري. لكن مسيرته لم تنته.
فقد كان لابد للشاعر والركاب الآخرين من قضاء الليلة على الجانب المصري من معبر رفح، لأن السلطات المصرية لا تسمح لهم بعبور سيناء باتجاه القاهرة أو مطارها إلا خلال ساعات النهار، حيث يتم عبور أكثر من اثنتي عشرة نقطة تفتيش عسكرية.
للمزيد:
- هيومن رايتس ووتش تتهم مصر بتكثيف أعمال هدم المنازل في سيناء
- معبر رفح .. أحد ضحايا اعتداء "مسجد الروضة" في سيناء
وبعد رحلة استغرقت 13 ساعة تمكن الشاعر أخيرا من بلوغ المطار يوم الخميس. وقال إن مشاعره لدى مغادرة غزة كانت مختلطة لأنه، كان سعيدا برؤية أهله وبزواجه، لكن الزيارة كلفته غاليا. والآن يسعى إلى بدء الإجراءات ليتمكن من احضار زوجته إلى السعودية.
مصر تفتح معبر رفح في شهر رمضان
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصدر الأسبوع الماضي توجيهات بفتح معبر رفح البري طيلة شهر رمضان، وذلك ضمانا لتخفيف الأعباء عن الفلسطينيين في قطاع غزة.
قال السيسي على حسابه الرسمي على تويتر "أصدرت توجيهاتي للأجهزة المعنية باتخاذ ما يلزم لاستمرار فتح معبر رفح البري طوال شهر رمضان المبارك، وذلك ضمانا لتخفيف الأعباء عن الأشقاء في قطاع غزة".
ويُنظر إلى فتح المعبر في غزة على أنه على الأرجح نتيجة اتفاق يقضي بمنح سكان غزة شريانا للعالم الخارجي مقابل خفض التصعيد في الاحتجاج المستمر منذ ستة أسابيع على الحدود بين إسرائيل والقطاع.
وفي حالة تنفيذ الإجراء حتى نهاية شهر رمضان فهذه ستكون أطول فترة متصلة يتقرر فيها فتح المعبر منذ سنوات.