"نتائج واعدة" للقاح يجري اختباره في سيراليون ضدّ فيروس إيبولا

"نتائج واعدة" للقاح يجري اختباره في سيراليون ضدّ فيروس إيبولا
بقلم:  Julian GOMEZ
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

"نتائج واعدة" بالعثور على لقاح ضد فيروس إيبولا

اتجه فريق "فوتوريس" إلى المكان الذي شهد أكبر انتشار للإيبولا. في سيراليون وفي دول غرب أفريقيا كليبيريا وغينيا-كوناكري، حيث مات ما لا يقل عن أحد 11300 شخص، وأصيب حوالى 28 ألف شخص بالمرض، في الفترة ما بين ديسمبر 2013 و مايو 2016. أزمة صحية لم يسبق لها مثيل، وتطلبت إجراء أبحاث مكثفة لمكافحة المرض الفتاك والبحث عن لقاح آمن وفعال. وبحسب الباحثين الذين ما زالوا يعملون هنا في العيادات فإن هذه الجهود بدأت تعطي ثمارها الأولى".

في العالم 2014، كان عمر إيما ثلاثة وعشرين عاما. كانت تدرس الإدارة في العاصمة فريتاون. حينها كان إيبولا قد أصاب عدد من الأشخاص من حولها. وفي أحد الأيام شعرت هي نفسُها بارتفاع درجة حرارة جسمِها وانتابها إسهال وقيء وألم في المفاصل.

إيما بنغورا، ناجية من إيبولا: "صديقتي فقدت والدها. لذا زرتها وبقيت عندها ثلاثة أيام إلى حين الدفن. بعد أن انتهت مراسم الدفن عدت إلى مكان إقامتي. عندها بدأت أشعر أنني مصابة بالحمى، وكنت أشعر باليأس. كان المرض يهاجمني وكنت خائفة لأنهم قالوا لي عندما تذهبين إلى مركز العلاج، لن تعودي مرة أخرى. لذا بدأت أحبس نفسي داخل الغرفة". عُزلت إيما لمدة ستة أيام ثم نقلت إلى عيادة محلية. ونجحت في التغلب على المرض. لكن على إثر إصابتها، اضطرت إلى إيقاف دراستها، ولا تملك الآن فرصا كبيرة في العثور على فرصة عمل.

المنطقة التي تعيش فيها إيما تضررت بشدة من تفشي المرض. ووضعت قرى بأكملها تحت الحجر الصحي. وتوقفت العائلات عن التجمع مع بعضها البعض خوفا من العدوى. وتداعى الاقتصاد المحلي.

**للمزيد: **

نوع من أنواع الحمى النزفية

الآثار المدمرة للفيروس دفعت العلماء إلى الانكباب على مشروع بحثي أوروبي يهدف إلى تطوير لقاح ضد المرض. والتجربة التي يجري إجراؤها في سيراليون حاليا تشمل أكثر من ألف متطوع، بينهم بالغون وأطفالٌ تتراوح أعمارهم بين سنة و17 سنة.

اليوم يتم حقن صغير في الثانية من العمر، أمام ناظري أمه الحذرة التي تستمع باهتمام إلى نصائح الكادر الطبي. تقول إحدى الممرضات: "إذا حصل طفلي على اللقاح هل سيُشفى من الإيبولا؟ كثيرا ما يطرح علينا الأهل هذا السؤال. عندها نجيبهم أن هذه تجربةٌ على اللقاح ولا نعرف بعد إذا كان هذا علاجا سيقي الطفل من الإصابة بفيروس إيبولا. إننا في طور الدراسة!"

تتم متابعة جميع المتطوعين عن كثب قبل وبعد تلقي عمليه الحقن. ويُعلم الأطباء المتطوعين وعائلاتهم بالتفصيل عن طبيعة المرض الذي يحاولون وقايتهم منهم.

ميكايل مورلاي كامارا، طبيب: "فيروس إيبولا هو أحد فيروسات الحمى النزفية. إنه مرض متعدد النظم، بمعنى أنه يمكن أن يؤثر على أي عضو في الجسم. يمكن أن يؤثر على العينين والأذنين والأوعية الدموية والبشرة.. على كل شيء تقريبا! وحتى على الجهاز التناسلي". ويقول ميكايل أن هذه التجربة أثرت عليه شخصيا: "من المريع أن تشاهد زميلا يتم تعامل معه كمصاب بإيبولا. وبعد أيام يموت. ولا يكون هناك أي شخص آخر غيرك من أجل تطهير جثمانه ووضعه في كيس".

بحسب منظمة الصحة العالمي فإن معدل وفيات المرض تتراوح بين 50% إلى 90% من الإصابات. والعديد من الأطباء المشاركين في إنجاز هذه التجارب السريرية يقفون على الخط الأمامي في معركة مواجهة تفشي المرض.

آنيس بانغورا، طبيبة: "لم يكن أحد آمنًا. وهذا ما دفعني في الواقع إلى تولي العمل من أجل إيجاد لقاح لمنع حدوث هذه الأشياء مرة أخرى". وأضافت: "خلال تلك الفترة القصيرة خسرنا أحد عشر طبيبا. في هذه البلاد التي تملك أقل من مئتي طبيب".

نتائج مشجعة للعثور على لقاح

يقول الأطباء إن اللقاح الجديد المدرج في التجربة يُظهر نتائج مشجعة إلى الآن. وعن ذلك قالت الطبيبة آنيس بانغورت" :نلاحظ أن اللقاح آمن. وأن المشاركين في التجربة ينتجون أجساما مضادة للفيروس، لذا فإن هذه النتائج واعدة للغاية".

"قبل بضع سنوات فقط لم يكن بوسعنا أبدا أن نتخيل ... أنه سيكون هناك لقاح ضد الإيبولا". فخور بمشروع EBOVAC1 ولقاح الإيبولا الذي ورد ذكره في الفيديو الجديد

يتم تحليل عينات دمِّ المتطوعين في مختبرات محلية لم تكن موجودة قبل انتشار إيبولا، وكان لا بد من تجهيزها من الصفر. وهذه المنطقة ليست متصلة حتى بشبكة الكهرباء الوطنية لذلك لجأ الباحثون إلى المولدات لتشغيل المعدات المتطورة التي يستخدمونها.

كين آوندو، عالم بيولوجي: "حسنًا ... لنذهب إلى منطقة تجميد بدرجة 90 مئوية تحت الصفر" ... "نهتم أولا بسلامة المتطوع وأن يكون اللقاح غير مضرّ بصحته. وثانياً ننظر إلى مدى فعالية اللقاح، وإن كان فعلا يملك القدرة على منع المرض. وثالثا ننظر إلى المناعة: هل يقوي جهاز المناعة؟ هل يحفز نظام المناعة في الجسم؟ وبالتالي يُمكّنُ الجسم من محاربة المرض والفيروسات، على وجه الخصوص إيبولا".

هنا في هولندا يجري تطوير نظام اللقاحات الذي يجرب ويراقب عن كثب في سيراليون. في الواقع هذا النظام يجمع لقاحين منفصلين يتم حقن المتطوعين بهما، ويعتقد العلماء أن هذه الاستراتيجية توفر مناعة أفضل وأكثر ديمومة ضد مجموعة خطيرة من الفيروسات.

جوهان فان هوف، مدير إداري: "ما إن تصاب بالعدوى حتى يبدأ الفيروس بالتكاثر بسرعة كبيرة في دمك، وتصبح أعداده بملايين الملايين. وهذا ما يسبب أعدادا كبيرة من الوفيات. لذا لا بد من أن تكون الحماية المناعية التي تحصل عليها من اللقاح عالية جدا لتكون قادرا على التعامل مع هذا الفيروس. إيبولا لم ينته بعد. ولن ينتهي. سيبقى هنا وقد يعود مرات ومرات".

إلى جانب الأبحاث المخبرية، تشكل المشاركة الفعالة التي تقدمها المجتمعات المحلية عنصرا في غاية الأهمية من أجل الاستمرار في هذه التجارب السريرية المعقدة وطويلة الأمد، بحسب ما يؤكد العلماء.

ماكايا دوغيه، رئيسة مكتب التطوير العيادي والطبي: "العمال على الأرض يقدمون شروحاتٍ حول المُنتج ومراحل الدراسة. كل هذه المعلومات المفيدة تساعد المتطوعين على فهم الهدف، وهذا بالطبع يجعل التجربة تتقدم بسلاسة أكبر".

رغم أن النتيجة النهائية ما تزال بعيدة المنال، لكن الباحثين يقولون إن نظام اللقاح الذي تتم تجربته في الوقت الحالي يملك فرصة عالية للنجاح.

كريستين لوهن، فريق التطوير من "لقاحات جانسن": "لدينا بيانات واعدة جدا من تجاربنا السريرية. اللقاح يحفز استجابات مناعية قوية ودائمة. ونحن سعداء لرؤية ذلك. بالنظر إلى حزمة البيانات الموجودة بين أيدينا الآن نخطط إلى التوّجه من أجل الحصول على ترخيص. وهذا أحد أهدافنا المباشرة".

هذا الجهد البحثي يجري تحت مظلة "إنوفيتف ميديسن إنشيتف" (INNOVATIVE MEDICINES INITIATIVE)، وهي أكبر شراكة في العالم بين القطاعين العام والخاص في علوم الصيدلة، ويشترك في تمويلها كل من المفوضية الأوروبية وقطاع صناعة الأدوية في أوروبا، وتبلغ ميزانيتها الحالية أكثر من ثلاثة مليارات يورو. والهدف النهائي هو تبادل المعارف لتطوير الجيل التالي من اللقاحات والأدوية والعلاجات ضد عدد كبير من الأمراض، بما فيها إيبولا.

بيير مولين، المدير العام لمبادرة INNOVATIVE MEDICINES INITIATIV: "العالم بأسره شعر بالقلق الشديد عندما تفشى فيروس إيبولا. ولم يكن أحد قادرا على التنبؤ بما سيحدث. وقد تمكنا من حشد كل من العاملين في قطاع الأدوية الخاص والقطاع العام. وأنشأنا بسرعة كبيرة برنامج إيبولا، الذي لا يشمل اللقاحات فقط ولكن أيضًا التشخيص.. وغيرَها من الأمور".

تقدم فرانشيسكا كولافيتا الاختبارات التشخيصية للإيبولا التي طورها مشروع EbolaModrad project

بعد الشفاء من إيبولا تبقى الذكريات

بعد الشفاء تبقى الذكريات والخبرة ترافق الناجين. كادياتو مدرسة في إحدى المدارس المحلية، تم تشخيص مرض إيبولا عندها في مراحله الأولى. وبعد شفائها، تستمر الآن في توعية طلابها وعائلاتها بإعطائهم نصائح وقائية ضد المرض.

عن التلك التجربة القاسية قالت كادياتو: "مكثت أسبوعين في الجناح المحظور. كنا أحد عشر شخصا. وكنت أنا آخر من دخل إلى المكان. ثمانية منا فارقوا الحياة، ونجا ثلاثة فقط. ثمانية ماتوا!" وأضافت : "أصبحت أعرف جميع الأعراض والأشياء التي يجب تجنبها. لا يجب اللعب مع المرضى. ويجب الامتناع عن أكل اللحم، خاصة لحوم الأدغال. لا يجب استخدام أغراض الشخص المريض، على سبيل المثال، إن استخدم المريض كأسا لا يجب استخدامه ثانية. أنا أعرف الآن كل هذا!".

من المتوقع أن يستمرَ البحث في نظام اللقاح الجديد فترة طويلة وإجراءَ المزيد من التجارب السريرية المكثفة، في مسعى إلى إعطاء الأمل إلى الأجيال الجديدة التي تعيش في المناطق المعرضة للخطر.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

الأمم المتحدة تطلب مئات ملايين الدولارات للسيطرة على فيروس إيبولا في الكونغو

فيروس إيبولا يقضي على طفل وجدّته في أوغندا

الإعلان عن نهاية وباء إيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية