رويترز: مسؤولون أميركيون سابقون ساعدوا دولة خليجية لتأسيس وحدة تجسس

الأميركي ريتشارد كلارك منسق الأمن القومي لمكافحة الإرهاب سابقاً
الأميركي ريتشارد كلارك منسق الأمن القومي لمكافحة الإرهاب سابقاً Copyright Special Report USA-RAVEN/WHITEHOUSE REUTERS/Kevin Lamarque/File Photo
بقلم:  يورونيوز مع رويترز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

تقرير لرويترز: مسؤولون أميركيون سابقون ساعدوا دولة خليجية لتأسيس وحدة تجسس

اعلان

نشرت وكالة رويترز للأنباء تقريراً مفصلاً جاء فيه أن بعد أحداث سبتمبر/أيلول من العام 2001، حذر ريتشارد كلارك، منسق الأمن القومي الأميركي لمكافحة الإرهاب آنذاك، الكونغرس، من أن الولايات المتحدة بحاجة إلى "قوات تجسسية أكبر" لمنع تكرار الكارثة.

ويضيف التقرير أن كلارك الذي شغل منصب منسق مكافحة الإرهاب من عام 1998 حتى 2003 سوّق لنفس الفكرة، ولكن هذه المرة خارج الولايات المتحدة.

ويشير التقرير إلى أن كلارك بدأ العمل كمستشار في الإمارات العربية المتحدة، البلد الذي يعمل على بناء قدراته التجسسية الإلكترونية، التي استعانت بخبرات أميركيين بارزين ومتعاقدين من أجل مواجهة الأخطار التي تهدد أمنها.

بحسب رويترز، أسهم كلارك في بناء وحدة عرفت باسم "دريد" (دفلوبمنت ريسيرتش إكبلوتيشن آند أناليسيس دبارتمنت)، أي قسم تحليل واستثمار بحوث التنمية، أو وحدة تحليل واستثمار بحوث التنمية.

ويضيف التقرير أن الوحدة الإماراتية توسعت في مهمتها في السنوات الخمس اللاحقة، أبعد بكثير من حدود ملاحقة المتشددين الذين كانوا السبب الأساسي في بنائها، إذ شملت عملياتها "مراقبة ومطاردة" ناشطات سعوديات معنيات بحقوق المرأة، ودبلوماسيون في الأمم المتحدة وموظفون من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

وفي العام 2012، صار مشروع الوحدة يعرف بين الأميركيين العاملين فيه بـ"بروجكت ريفين"، أي "الغراب" إن جازت الترجمة.

وسلط تقرير رويترز الضوء على كيفية نجاح مجموعة من العملاء الأمنيين الأميركيين السابقين وغيرهم ومن عناصر نخبوية في الاستخبارات الأميركية، ساعدوا الإمارات بالتجسس على أهداف كثيرة عبر البرنامج المذكور، بدءاً من الإرهابيين ومروراً بنشطاء حقوق الإنسان ووصولاً إلى الصحافيين والمنشقين.

مسؤولان كبيران في البيت الأبيض

يذكر التقرير، للمرة الأولى، أن السلطات الفيدرالية الأميركية تحقق حالياً في أعمال مسؤوليْن كبيريْن سابقيْن في البيت الأبيض، تعاملا خلال تلك الفترة مع جواسيس في وكالة الأمن القومي الأميركية (إن إس آي)، ولعبا دوراً محورياً في بناء برنامج التجسس.

ومن أجل إدراك عملية تطور التجسس الإماراتي، اعتمدت رويترز في ورقتها على أكثر من 10 آلاف وثيقة كما أنها قابلت عشرات المتعاقدين وعملاء الاستخبارات ومسؤولين حكوميين أميركيين سابقين كانوا على صلة مباشرة بالبرنامج.

وتغطي الوثائق التي اطلعت عليها رويترز نحو عقد من الزمان، فهي مترخة بدءاً من العام 2008، وتتضمن برقيات داخلية تفسّر لوجستيات المشروع والخطط التنظيمية والأهداف.

بمباركة الخارجية الأميركية؟

يشير التقرير إلى أن كلارك لم يكن وحيداً بالذهاب إلى الإمارات، إذ كان الأول في سلسلة من المسؤولين السابقين في البيت الأبيض والمسؤولين التنفيذيين الأميركيين الذين ذهبوا إلى الإمارات بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر.

وكلارك، بصفته أحد المسؤولين من دوائر القرار الأميركي، وأحد المقربين من البيت الأبيض، وقع على عدّة عقود في الإمارات، أبرزها كان بناء "وحدة سرية للتجسس في منشأة مطار غير مستعملة في أبوظبي.

وفي مقابلة أجراها مع صحيفة واشنطن بوست سابقاً، قال كلارك إنه نصح الإمارات ببناء وكالة للتجسس الرقمي (السيبيراني) وإن شركته "غود هاربور" فازت بالعقد لبناء تلك الوكالة، مضيفاً أنها لم تخرق القوانين الأميركية.

في المقابلة نفسها شرح كلارك أن الفكرة كانت تختصر ببناء وحدة قادرة على تعقب الإرهابيين، في الإمارات، وإن وكالة الأمن القومي والخارجية الأميركية صادقتا على مشروعه. وأضاف كلارك أن وكالة الأمن القومي كانت تريد المشروع خصوصاً وأنه طرح في الفترة بعد هجمات سبتمبر وكان هناك حافز: مكافحة تنظيم القاعدة.

وتقول رويترز إنها حاولت الاتصال بكل من وكالة الأمن القومي والخارجية الأميركية ومسؤولين إماراتيين في واشنطن ولكنها لم تحصل إلا على ردّ الخارجية التي قالت إنها تدرس بعناية كل العقود المرتبطة بالدفاع خصوصاً لناحية حقوق الإنسان.

"آلاف أعداء الحكومة الإماراتية حول العالم"

جاء في تقرير رويترز إن كلارك أطلق، عبر بنائه الوحدة، فتح الباب لعقدٍ كامل أمام تورط مسؤولين أميركيين وخبراء من الاستخبارات، للعمل في الإمارات. والأميركيون الذين تتالوا وسعوا المهمة من مهمة كانت تقتصر على التركيز على متشددين يشكلون خطراً، إلى مهمة تجسس شملت آلاف الناس حول العالم، كانت الحكومة الإماراتية ترى فيهم أعداءها.

وقال بول كورتس، أحد زملاء كلارك السابقين، إن "برنامج التجسس توسع إلى درجة خطيرة..." مضيفاً أنه شعر بالاشمئزاز عندما اطلع على الوثائق بحوزة رويترز، وعمّا أفضى إليه البرنامج.

ويرى المحرر في وكالة رويترز، اعتماداً على تطور برنامج التجسس في الإمارات، كيف تسمح الثغرات القانونية في الولايات المتحدة للمتعاقدين، أو الجواسيس السابقين، بنقل مهاراتهم لبلد أجنبي، بما فيها البلاد التي تشتهر بسجلّ سيء في مجال حقوق الإنسان.

اعلان

علاقة مع سياسيين إماراتيين منذ حرب الخليج الأولى

يقول تقرير رويترز إن كلارك كان مرتبطاً بعلاقة مع زبون ثري محتمل في التسعينيات، وهو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. ويضيف أنه في الأشهر التي سبقت الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق عام 1991 أُرسل كلارك، الذي كان في ذلك الوقت دبلوماسياً، إلى الخليج لطلب المساعدة من حلفاء إقليميين.

قدم الشيخ محمد بن زايد يد العون لكلارك كي يحصل على إذن من الحكومة بالقصف من المجال الجوي الإماراتي، وضخ المليارات للمجهود الحربي الأميركي. وبعد انضمام كلارك إلى شركة "غود هاربور" في العام 2003، أتاح الشيخ محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات في ذلك الوقت بحسب رويترز، فرصة نادرة للشركة للمساعدة في وضع استراتيجية الأمن الداخلي الإماراتية.

من مكافحة الإرهاب إلى "أهداف الأمن القومي"

يقول التقرير إن متعاقدين أميركيين ثمانية دربوا طاقماً من العناصر الإماراتية في البداية، معدين شبكات كومبيوتر سرية وحسابات خفية على الإنترنت بهدف التجسس. ولكن بعد مرور وقت قصير، تحدث بعض المتعاقدين، بحسب تقرير اطلعت عليه رويترز، وقالوا إن الأميركيين وجدوا نفسهم مضطرين للتدخل بدرجة أكبار في العمليات، لأسباب عدّة.

وأحال اثنان من العاملين السابقين في البرنامج السبب إلى نقص خبرة الإماراتيين أو "قلة خبرتهم". ورغم نجاح إحدى عمليات التجسس ضدّ متشدد إسلامي، ورغم أن تلك العملية شكلت نقطة هامة في التعاون الأمني بين الإمارات والولايات المتحدة، إلا أن "غود هاربور" انسحبت في العام 2010 من المشروع فاسحة المجال أمام شركة أخرى أميركية أيضاً.

وازداد عدد الأفراد الأميركيين العاملين في المشروع من 12 شخصاً إلى 40 خلال عامين. وبحسب رويترز، فإن ميزانية "دريد" السنوية بلغت 34 مليون دولار.

اعلان

وبعد أن هزت انتفاضات الربيع العربي المنطقة، كان هناك خشية في الإمارات منها بشكل عام. أن يأتي الدور على بلدهم. وتقول رويترز إن مكافحة الإرهاب تحولت إلى فئة منفصلة أطلقت عليها الإمارات اسم "أهداف الأمن القومي". وشملت العمليات اختراقات لم يكشف عنها قبلاً جماعة ألمانية مدافعة عن حقوق الإنسان ومسؤولين من الأمم المتحدة في نيويورك ومسؤولين تنفيذيين في الاتحاد الدولي لكرة القدم.

مونديال قطر و"المنحدر الزلق"

يشير تقرير رويترز إلى أن قطر، التي أصبحت في عام 2010 محط أنظار العالم بعد فوزها باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، كانت من بين الأهداف. وفي عام 2014 استهدف العاملون في "دريد" مسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم، ومقرّه في سويسرا. غير أن الوثائق التي اطلعت عليها رويترز لا تجزم نجاح العملية.

وتضيف رويترز، استناداً إلى شهادات أخرى، أنه بمرور الوقت، نشبت صراعات بين الأميركيين والإماراتيين بشأن اختيار الأهداف التي اعتقد الأميركيون في بعض الأحيان أنها تجاوز "المسموح به" إذ استهدفت كيانات على صلة بالولايات المتحدة. وتقول رويترز إن الإماراتيين بدأوا بفرض قيود على دخول الأميركيين إلى قواعد بيانات المراقبة ووضعوا على بعضها عبارة "محظور الاطلاع عليها لغير الإماراتيين"، حتى انتهاء عقد الشركة الأميركية المشغلة، "سايبر بوينت" بحلول 2015.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

شركتا غوغل وآبل تتخذان إجراء وقائياً ضدّ تطبيق "توتوك" الإماراتي

الكشف عن عملية قرصنة وتجسس استهدفت شركات اتصالات 30 دولة حول العالم

وسط تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة.. انطلاق المؤتمر الوزاري الـ13 لمنظمة التجارة العالمية في أبو ظبي