إيطاليا تتهم مسؤولين في الأجهزة الأمنية المصرية بقتل جوليو ريجيني

نشطاء من منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان يشاركون في مظاهرة في ساحة كاستيلو في تورينو للتنديد بمقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر. إيطاليا 25 يناير 2020
نشطاء من منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان يشاركون في مظاهرة في ساحة كاستيلو في تورينو للتنديد بمقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر. إيطاليا 25 يناير 2020 Copyright أ ف ب
Copyright أ ف ب
بقلم:  رشيد سعيد قرني
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

مطالبة إيطاليا من مصر الرد على تصرفات أجهزتها الأمنية القوية والمتغلغلة تعد خطوة فريدة من نوعها وتأتي في الوقت الذي توفر فيه السلطات المصرية حصانة للضباط المتهمين بأي جرائم ارتكبت ضد المدنيين.

اعلان

اتهم المدعون العامون في إيطاليا أربعة من أفراد جهاز الأمن القومي المصري بخطف وقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة بحسب ما أوردته صحيفو الغارديان البريطانية. وقالت الصحيفة إن المدعون العامون الإيطاليون وجهوا رسميا تهمة اختطاف الطالب جوليو ريجيني في العام 2016 لكل من طارق صابر وأثار كامل محمد إبراهيم والنقيب أوسام حلمي ومجدي إبراهيم عبد الشريف، واتهام هذا الأخير بإيذاء جسدي بالغ الخطورة على ريجيني وقتله.

وتابعت الغارديان أن ممثلو الادعاء قد قالوا إن ذات التهم أُسقطت ضد مسؤول أمني مصري خامس، يدعى محمود نجم الذي سبق وأن ذكر كمشتبه به في قضية اختفاء ريجيني. وتم العثور على جثة الطالب الإيطالي على طرف طريق سريع على مشارف القاهرة في فبراير- نيسان 2016، وعليها آثار تعذيب يُشتبه في أنها مرتبطة بعمليات تعذيب ارتكبتها قوات الأمن المصرية.

لسنوات عديدة، عرقل المسؤولون المصريون جهود إيطاليا للتحقيق في قضية وفاة جوليو ريجيني في القاهرة من خلال التباطؤ في تقديم أدلة إلى النيابة العامة الإيطالية وادعوا أن جهات آخرى من بينيها العصابات والجماعات السياسية المعارضة هي المسؤولة عن قتل ريجيني.

ويمثل التحرك الإيطالي وتوجيه الاتهام للمشتبهين بهم لحظة نادرة لمحاسبة الدولة البوليسية المصرية التي تستخدم أساليب استجواب واعتقال قاسية. وفي بيان صدر في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلنت النيابة المصرية تعليق التحقيقات وقالت "لا يزال مرتكب جريمة قتل الطالب مجهولاً". مضيفة أن "محاولات توجيه الاتهام إلى أفراد الأجهزة الأمنية لا يستند إلى أية أدلة ثابتة وأن الاتهامات التي وجهت لمسؤولي الأمن كانت تستند إلى أفعال فردية من جانبهم، لا علاقة لها بأي مؤسسات رسمية في مصر".

توتر العلاقات بين القاهرة وروما لم يمنع من توقيع صفقة أسلحة

أدت جريمة قتل جوليو ريجيني إلى قلب العلاقات الإيطالية المصرية، حيث قامت روما باستدعاء سفيرها في مصر في العام 2016 قبل تعيين سفير جديد بعد عام. كما قطع مجلس النواب في البرلمان الإيطالي العلاقات مع نظيره المصري في العام 2017.

أ ب
الوثائق الشخصية للطالب الإيطالي المقتول جوليو ريجينيأ ب

وبالتزامن مع هذه التوترات، عملت أجزاء أخرى من الدولة الإيطالية على تحسين العلاقات مع مصر خلال السنوات التي أعقبت مقتل جوليو ريجيني، سيما رئيس الوزراء، جوزيبي كونتي الذي وافق في يونيو- حزيران على بيع أسلحة ضخمة لمصر بعد شهور من المفاوضات السرية.

وبلغت قيمة الصفقة الأولية من الأسلحة 1.2 مليار يورو كجزء من صفقة أكبر بكثير تصل قيمتها إلى 10 مليارات يورو. كما استثمرت شركة النفط والغاز الإيطالية إيني 16 مليار دولار في حقل غاز ظهر في شرق البحر الأبيض المتوسط.

تفاصيل فظيعة

في غضون ذلك، واصل المدعون الإيطاليون تقديم سيل مستمر من التفاصيل الفظيعة حول مقتل ريجيني. وقالوا "إن قوات الأمن المصرية أوقعت الشاب البالغ من العمر 28 عاماً في فخ أشبه بـ "شبكة عنكبوت" قبل قتله. وحصل المدعون العامون على معلومات من أشخاص مقربين منه في القاهرة بشأن التحقيق الذي كان يقوم به ريجيني حول الحركات العمالية المصرية.

إن مطالبة إيطاليا من مصر الرد على تصرفات أجهزتها الأمنية القوية والمتغلغلة تعد خطوة فريدة من نوعها وتأتي في الوقت الذي توفر فيه السلطات المصرية حصانة للضباط المتهمين بأي جرائم ارتكبت ضد المدنيين.

وقالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، التي يعمل محاموها كمستشارين قانونين لأسرة ريجيني في مصر، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إن قوات الأمن قد "أخفت" قسراً 2723 شخصاً منذ العام 2015. وترتبط حالات الاختفاء القسري هذه بأحداث احتجاز واعتقال مواطنين سرا من قبل رجال الأمن دون السماح لهم بمقابلة محامين أو عائلاتهم واخضاعهم لاستجوابات تحت التعذيب المتكرر.

أ ف ب
جنازة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر عليه ميتًا وعليه آثار التعذيب في القاهر في العام 2016 في فيوميتشلوأ ف ب

قد تؤثر هذه التطورات والتفاصيل حول إخفاء مسؤولي الأمن المصريين قسراً وتعذيب وقتل ريجيني إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين البلدين. ويقول تيموثي قلدس، من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط "إن العرض العلني للأدلة على قيام المسؤولين المصريين بتعذيب أحد الطلاب حتى الموت سوف يضر بشكل كبير بصورة مصر". وأكد قلدس أن ذلك سيزيد الضغط على الحكومة الإيطالية لإجبار مصر ووزارة داخليتها على الامتثال للمحاكمة. وتابع "الحكومة المصرية نظام يتألف بشكل أساسي من مؤسسات أمنية وهذا ما سيجعلهم أقل عرضة للمساءلة من ضباط الأمن".

اتفاقية تسليم المجرمين

ومن المتوقع أن يحاكم المتهمون غيابيا على الرغم من عدم وجود معاهدة لتسليم المجرمين بين مصر وإيطاليا لأن أي تحرك في سبيل تسليم المشتبه بهم إلى إيطاليا يتطلب احتجازهم في مصر.

ويشير نيكولا كانيستريني، محامي دفاع جنائي إيطالي، متخصص في القانون الدولي بما في ذلك اتفاقيات التسليم إلى أته "على مصر أن تتعاون وتسلم المتهمين وإلا فإن الاتفاقيات والقانون ينص على احتجازهم في دولة ثالثة" ويضيف "لا يمكن إجبار مصر على التخلي عن الأشخاص الموجودين على أراضيها".

viber

وفي حالة سفر المشتبه بهم خارج مصر، فإنهم معرضون لخطر الاحتجاز بموجب نظام الإشعار الأحمر للانتربول الذي يبلغ البلدان الشريكة عندما يدخل فرد مطلوب في الخارج إلى نطاق سلطتها القضائية. ويلفت كانيستريني إلى أن ممارسات المحاكمة العادلة تتطلب من السلطات الإيطالية بذل كل الجهود الممكنة لضمان إبلاغ المتهمين بشكل كامل بالمحاكمة قبل رفض الحضور. ويتابع "يجب على الدبلوماسيين الإيطاليين التأكد من تلقي المتهمين هذه الطلبات حقًا، وإذا لم يحضروا إلى إيطاليا، فهذا يعني أنهم قرروا طواعية عدم الدفاع عن أنفسهم".

المصادر الإضافية • الغارديان

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

إيطاليا تحاكم غيابيا 4 مسؤولين مصريين متهمين بتعذيب وقتل الطالب جوليو ريجيني عام 2016

تأجيل جلسة قضائية ضدّ 4 ضباط مصريين في قضية مقتل الطالب الإيطالي ريجيني

روما تنتقد قرار القاهرة إسقاطَ الشبهات عن 5 عناصر شرطة في قضية ريغيني