سلط مقتل الرئيس التشادي في نيسان/أبريل والانقلاب الثاني في مالي، الشهر الماضي، الضوء على التهديد الذي يمثله استمرار عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.
تستعد فرنسا لخفض وجودها العسكري في منطقة الساحل الإفريقي بحوالي 5000 جندي في الأشهر المقبلة، فيما تستمر التهديدات التي تقودها "الجماعات المتشددة الإسلامية" في المنطقة.
قرار خفض القوات الفرنسية في منطقة الساحل الإفريقي اتخذه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهر الماضي في أعقاب الانقلاب العسكري الثاني في مالي حيث يخوض الجيش الفرنسي معارك مع المسلحين الجهاديين في منطقة الساحل منذ ما يقرب من عقد.
يخص الانسحاب العسكري عملية "برخان" التي ستنتهي، ليصبح الوجود الفرنسي جزءا من القوة الدولية "تاكوبا" التي سيشكل "مئات" من العسكريين الفرنسيين "عمودها الفقري".
تنشر فرنسا حاليا 5100 عسكري في منطقة الساحل التي تمتد عبر إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وتشمل ستة بلدان.
تعود بداية عملية "برخان" إلى الانتشار الفرنسي الأولي في كانون الثاني/يناير 2013 حين سعت باريس لمعالجة انعدام الاستقرار المتزايد في المنطقة الذي تسبب فيه مسلحون إسلاميون.
على مدى سنوات، حاولت فرنسا إقناع الحلفاء الغربيين بالمساعدة في تحمل عبء المعركة ضد الإرهاب لمنع المتطرفين الإسلاميين من استغلال الغضب إزاء الفقر والحكومات غير الفعالة.
سلط مقتل الرئيس التشادي في نيسان/أبريل والانقلاب الثاني في مالي، الشهر الماضي، الضوء على التهديد الذي يمثله استمرار عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.
احباط من الشركاء
شدّدت فرنسا على ان انسحابها العسكري من منطقة الساحل يعني إغلاق القواعد الفرنسية والاقتصار على القوات الخاصة التي ستركز على عمليات مكافحة الإرهاب والتدريب العسكري.
تتكون عملية "تاكوبا" التي من المنتظر أن تتولى المهمة من "برخان"، حاليا من حوالي 600 عنصر من القوات الخاصة من الاتحاد الأوروبي، نصفهم فرنسيون، يتمركزون في مالي ويشارك فيها أيضا 140 عنصرا سويديا وعشرات من الإستونيين والتشيكيين.
ولم تنجح فرنسا في حشد دعم كبير للعملية من حلفائها الأوروبيين.
حققت قوة "برخان" الفرنسية بعض النجاحات في منطقة الساحل بما في ذلك مقتل زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عبد المالك دروكدال العام الماضي، غير أن هجمات المتمردين استمرت، وأودت جهود مكافحة التمرد بحياة 50 عسكريا فرنسيا، ما أدى إلى دعوات في فرنسا لمراجعة مهمة "برخان".
في فرنسا يرفض بعض السياسيين وجود القوات العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل. لكن المحليين يرون فيه عودة إلى مرحلة الاستعمار.
خطر في منطقة استراتيجية
ينظر العديد من السياسيين والخبراء الغربيين إلى منطقة الساحل على أنها تمثل خطرا كبيرا بسبب القوة المتزايدة للجماعات الجهادية هناك، فضلا عن موقعها الجغرافي في مفترق طرق لتهريب الأسلحة والبشر.
وحذّر قادة محليون في المنطقة من أنهم سيتعرضون إلى مصاعب شديدة لمنع المتمردين من تحقيق المزيد من الانتشار في حالة الانسحاب الفرنسي السريع.
منذ مقتل رئيس تشاد المخضرم والحليف المقرب للفرنسيين إدريس ديبي إيتنو وانقلاب مالي الثاني، تدهورت العلاقات بين باماكو وباريس بشدة، ما دفع فرنسا إلى تعليق عملياتها العسكرية المشتركة مع القوات المالية وتوقفت عن تقديم المشورة الدفاعية، في انتظار "ضمانات" بأن الحكام العسكريين للبلاد سينظمون انتخابات في شباط/فبراير وعدم التفاوض مع جهاديين.