البرلمان العراقي يفشل في أول مهمة له

بعدما دُعي مجلس النواب العراقي الى الالتئام الاثنين لانتخاب رئيس للجمهورية، أعلن مسؤول فيه عن تعذر إكتمال النصاب القانوني نتيجة قيام كتل برلمانية ونواب بمقاطعة الجلسة.
وسبق موقف الكتل المقاطعة، إعلان القضاء العراقي تعليق ترشيح أحد أبرز المرشحين الى الرئاسة هوشيار زيباري نتيجة شبهات فساد.
كان الموعد الرسمي المقرر لانعقاد الجلسة في (09,00 ت غ). لكن بعد إعلان عدد كبير من النواب مقاطعتهم الجلسة، إختل النصاب القانوني، حيث يجب حضور ثلثا النواب من مجموع العدد الكلي 329 عضو وهذا مالم يحصل حيث كان عدد الحضور بحسب قسم الاعلام التابع لمجلس النواب 58 نائبا فقط، وتم تحويلها إلى جلسة حوارية تداولية ولن يكون هناك تصويت لانتخاب رئيس الجمهورية.
وكانت كتلة التيار الصدري المكونة من 73 نائبا أعلنت منذ السبت مقاطعة الجلسة.
وبناء على دعوى مقدّمة من أربعة نواب، قررت المحكمة الاتحادية العراقية، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، الأحد "إيقاف إجراءات انتخاب هوشيار زيباري موقتا لحين حسم دعوى" رفعت بحقّه تتصّل باتهامات بالفساد موجهة إليه.
ورأى رافعو الدعوى أن زيباري، أحد أبرز الوجوه السياسية الكردية في العراق خلال حقبة ما بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لا يلبّي الشروط الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية، ومنها أن يكون "حسن السمعة والاستقامة"، بحسب نسخة عن نصّ الدعوى وقرار المحكمة اللذين نشرتهما وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
وعدّد هؤلاء أسبابا مساندة، منها قرار البرلمان سحب الثقة من زيباري عام 2016 حين كان وزيرا للمالية، على خلفية "اتهامات تتعلّق بفساد مالي وإداري".
كما تطرقت الدعوى الى قضيتين أخريين على الأقل يرتبط بهما الوزير السابق البالغ 68 عاما، لا سيما خلال فترة توليه وزارة الخارجية.
وتحدث المتقدّمون بالدعوى عن وجود "قضية أخرى" على خلفية قيام زيباري "باستغلال نفوذه وسلطته من خلال صرف مبالغ طائلة على عقار لا يعود الى الدولة"
وكانت كتلة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تدعم زيباري. وأعلنت مقاطعتها الجلسة قبل صدور قرار المحكمة. ويقدم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على أنه رأس الحربة ضد الفساد في العراق، ولا شك أن الشبهات حول زيباري من شأنها إحراجه. ودعا الصدر الى التوافق على مرشح رئاسي.
مساء الأحد، كشف "تحالف السيادة" الذي يضم 51 نائبا بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو حليف للتيار الصدري، مقاطعته الجلسة. كما أعلنت كتلة الحزب الديموقراطي الكردستاني التي ينتمي اليها زيباري والمؤلفة من 31 نائبا مقاطعتها "لمقتضيات المصلحة العامة وبهدف استكمال المشاورات".
وتعكس هذه التطورات المتسارعة حدة الخلافات السياسية التي يشهدها العراق منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت قبل زهاء أربعة أشهر، وانتهت بفوز كبير للتيار الصدري وبتراجع للكتل الموالية لإيران.
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005 ونظمت بعد الغزو العراقي الذي أدى الى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا الى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب.
ويتنافس نحو 25 مرشحا على منصب رئاسة الجمهورية العراقية، وكان الاعتقاد يسود بأن المنافسة ستنحصر فعليا بين زيباري والرئيس الحالي برهم صالح.
وينتمي صالح الى الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتقاسم عمليا النفوذ في إقليم كردستان ذي الحكم الذاتي.
ويتوجّب على رئيس الجمهورية أن يختار خلال الأيام الـ15 التي تلي انتخابه، رئيسا للوزراء تعود تسميته إلى التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان.
وعادة، تحصل تسمية رئيس الحكومة بشكل توافقي بين القوى السياسية الكبرى. ولكن حتى الآن، لم تتمكن هذه القوى من تشكيل تحالف أو الاتفاق على اسم مرشح لرئاسة الحكومة.
ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة مهلة شهر لتأليفها.
إلا أن مسار الخطوات السياسية يبدو معقدا حتى قبل الشروع فيه.
ويؤكد مقتدى الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، آملا بذلك في فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يعرقل غالبا آلية اتخاذ القرار.
لكن هذا يعني أنه يضع خارج حساباته قوى لها وزنها في الساحة السياسية العراقية، خصوصا "الإطار التنسيقي" الذي يضم تحالف الفتح الممثل لقوات الحشد الشعبي (المكوّن بغالبيته من فصائل مسلحة موالية لإيران) والذي حصل على 17 مقعدا في الانتخابات، وتحالف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (33 مقعداً)، وأحزابا شيعية أخرى.
ويقول المحلل السياسي العراقي حمزة حداد لوكالة فرانس برس "لا أحد يريد أن يكون في المعارضة، الجميع يعرفون كيفية تقاسم الحصص"، متحدثا عن إمكان تشكّل "تحالف موسّع".
ويترافق شد الحبال السياسي مع أعمال عنف بين الحين والآخر، استهدف العديد منها مصالح أميركية.
وفي أواخر كانون الثاني/يناير، سقطت ثلاثة صواريخ قرب منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي. كما أعلنت السلطات في تشرين الثاني/نوفمبر نجاة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي من محاولة اغتيال.