المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر يورونيوز
كان الجميع يعرف أن المدنيين الفلسطينيين الذين يقتلون في الضفة الغربية أو قطاع غزة قبل تاريخ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بنيران القوات الإسرائيلية هم خسائر بشرية جانبيه، لا يعيرهم المجتمع الدولي أي اهتمام. لكن لم نكن نعرف أن سقف الضحايا من المدنيين مفتوح بهذا الشكل!
مع تجاوز عدد القتلى العشرة آلاف فضلًا عن الآلاف من الجرحى والمفقودين تحت الأنقاض، لم يتمكن مجلس الأمن من التوصل إلى قرار بشأن الحرب الدائرة في غزة. فمشاريع القرارات الروسية يطيح بها الفيتو الأمريكي، والعكس صحيح. ليبقى شلال الدم يسيل في القطاع إلى أجل غير معلوم.
هل الغرب محرج؟
يعتقد البعض أن الولايات المتحدة والدول الغربية الداعمة لإسرائيل محرجة من عدد القتلى وحجم الدمار في غزة، فهي دول "ديمقراطية وإنسانية" وقفت بالضد من الغزو الروسي لأوكرانيا. لذلك نسمع أنها تطالب من إسرائيل وضع "هدنات إنسانية"، أو تحثها بشكل خجول على تقليل الخسائر البشرية على الرغم من أنها ترسل لها في نفس الوقت أسلحة، منها قنابل دقيقة ينوي البيت الأبيض إرسالها إلى إسرائيل، وترجوها السماح بدخول المساعدات!
لكن ما يحصل على ما يبدو هو بموافقة ومباركة هذه الدول، فلا حرج هناك ولا هُم يحزنون.. الاتفاق هو استمرار إسرائيل بـ"الدفاع عن نفسها-بل الواجب، ما انفك وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينيكن يشدد عليه" بعمليات عسكرية وقصف مكثف وعملية برية، تريد من خلالها ومعها الدول الداعمة "القضاء على حماس إداريا وعسكريا"، بينما تقوم هذه الدول بتخصيص مبالغ مالية للمنظمات العاملة في القطاع، أو إنشاء مستشفى ميداني هنا، وإدخال شاحنات مساعدات هناك، وهو ذر للرماد في العيون، وحركات دبلوماسية تحافظ بها هذه الدول على منظرها وسمعتها أمام الرأي العام العالمي.
يقبع سكان غزة تحت هذا القصف المتواصل ليس فقط بسبب عملية حماس "طوفان الأقصى"، لكن لأسباب أخرى منها أن نتنياهو يختبئ خلف حرب غزة هربًا من القضاء ساعيًا إلى تمديد عمره السياسي الذي انتهى بحسب تصريحات مقربة من البيت الأبيض، وهنا ينطبق عليه ما قاله الصحافي الأمريكي أمبروس بيرس "السياسة، إدارة الشؤون العامة بما يخدم المصلحة الخاصة."
كذلك هي بسبب وصول اليمين المتطرف الاستيطاني إلى الحكم، وحلم أرض إسرائيل الكبرى بحسب ما هم يعتقدون، وخطة ترحيل سكان غزة إلى سيناء المصرية -الخطة- التي يرفضها الفلسطينيون والعرب حتى الآن.
هل بدأ العالم يفهم؟
سبق الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش جميع المسؤولين في العالم، بمطالبته خلال الأيام الأولى من الحرب، إسرائيل بالتوقف عن استهداف المدنيين، فهذا عمله أولًا، ولأن العديد من العاملين في مؤسسات الأمم المتحدة في غزة قتلوا بالقصف الإسرائيلي، فضلًا عن أن إسرائيل قصفت نحو 50 مدرسة ومنشأة تابعة للأونروا.
غوتيريش الذي قال في آخر تصريح له إن غزة أصبحت "مقبرة للأطفال"، سبق وأن أغضب إسرائيل حين قال "إن هجوم حركة حماس لم يأت من فراغ" وأن" أن الشعب الفلسطيني يتعرض لاحتلال مستمر منذ أكثر من 75 عاما."
بدأت تصريحات المسؤولين الغربيين تتوالى تباعًا، آخرها ما قالته وزيرة التعاون والتنمية البلجيكية كارولين غينيز، عن أن ما يحدث هو جريمة حرب وعقاب جماعي لأبرياء نصفهم من الأطفال.
ولغاية إدراك بقية العالم لما يحدث، يبقى سكان غزة الأحياء من دون مأوى، نحو 1.5 مليون منهم نزح إلى جنوب القطاع، أما الأموات فلم يجدوا لهم مقابر، لكن الأهالي فتحوا مقابر جماعية وأخرى موقتة دفن فيها المحظوظون من الموتى، أما غير المحظوظين فما يزالون تحت أنقاض البنايات التي هدمها القصف الإسرائيلي او في الشوارع المحيطة بالمستشفيات.