تجددت الاشتباكات العنيفة في شمال غرب سوريا إثر هجوم شنته فصائل المعارضة على مواقع قوات النظام في ريف حلب الغربي، مما أسفر عن مقتل ما يقارب 182 شخصاً من الجانبين، وفقاً لما أشار إليه المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد بأن هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها قامت بقطع طريق دمشق-حلب الدولي "M5" الذي يربط العاصمة دمشق بمدينة حلب، كبرى مدن شمال سوريا. بالإضافة إلى ذلك، سيطرت على عقدة الطريقين الدوليين "M4" و"M5" عند مدينة سراقب.
كما أكد المرصد مقتل نحو 57 شخصاً في الاشتباكات الأخيرة، بينهم 31 جندياً من قوات النظام السوري و26 عنصراً من هيئة "تحرير الشام" والفصائل المتحالفة معها.
يأتي هذا الهجوم في وقت تشهد فيه القوات المعارضة تقدماً ملحوظاً، حيث سيطرت على عدة قرى ومواقع استراتيجية في ريف حلب، بما في ذلك الشيخ عقيل، قبتان الجبل، عينجارة، بلدة أورم الصغرى، والفوج 46، الذي يعد واحداً من أكبر المواقع العسكرية لقوات النظام غرب حلب.
وبلغ مجموع القرى التي سيطرت عليها فصائل المعارضة السورية 32 قرية ونقطة في ريف حلب الغربي شمال سوريا، بما يعادل مساحة حوالي 245 كيلومترا، بحسب وكالة الأناضول.
بعد هذا التقدم، باتت فصائل المعارضة على بُعد نحو 8 كيلومترات فقط من مدينة حلب، بعد أن وسعت نطاق سيطرتها. كما هاجم مقاتلو المعارضة مطار النيرب في شرق حلب، حيث تتمركز مجموعة مسلحة موالية لإيران.
وأفادت "إدارة العمليات العسكرية" صباحاً بأنها تمكنت من أسر عنصرين قالت إنهما يتبعان لما وصفتها بـ"الميليشيات الإيرانية".
وصرّح الناطق باسم "إدارة العمليات العسكرية لمعركة ردع العدوان"، حسن عبد الغني، بأن العملية تهدف إلى توجيه "ضربة استباقية" لقوات النظام والقوات الموالية لها، معتبراً أنها تشكل تهديداً مباشراً للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وفق تعبيره.
مقتل قائد المستشارين العسكريين الإيرانيين
أعلنت وسائل إعلام إيرانية مقتل العميد كيومرث بورهاشمي، قائد المستشارين العسكريين الإيرانيين في مدينة حلب، من جراء المعارك في ريف حلب.
ولم تكشف المصادر الإيرانية تفاصيل دقيقة حول ظروف مقتل القيادي، سواء كان ذلك نتيجة قصف أو خلال اشتباك مسلح.
وقد تداولت مقاطع مصورة، لم يتم التحقق من صحتها بعد، تظهر استيلاء هيئة تحرير الشام على أسلحة ثقيلة ومركبات عسكرية تابعة لقوات الجيش السوري.
في المقابل، شنت الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري والطائرات الروسية أكثر من 30 غارة جوية استهدفت المناطق التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" والفصائل المساندة لها في ريف حلب وإدلب.
وذكر الجيش السوري في بيان له أنه يتصدى لجميع محاولات التقدم التي تقوم بها فصائل المعارضة في المنطقة، مؤكدًا على استمرار العمليات العسكرية في مواجهة الهجمات.
وقد أعلنت تركيا، الخميس، أنها تتابع عن كثب الهجوم الذي شنته جماعات المعارضة في شمال سوريا. ونقلت وكالة "الأناضول" الرسمية عن مسؤولين في وزارة الدفاع التركية، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن الجيش التركي اتخذ "جميع أنواع التدابير" لضمان حماية قواته المنتشرة في سوريا.
في الوقت نفسه، استمر مئات المدنيين في النزوح من مناطق الاشتباكات في ريف حلب، متجهين إلى ريف إدلب بحثًا عن الأمان، في وقت يتصاعد فيه القتال بين فصائل المعارضة وقوات النظام السوري. وقد تزايد عدد النازحين مع توسع المعارك، التي تأتي بعد شهور من الهدوء النسبي في المنطقة، حيث كانت تقتصر على قصف متقطع.
أفادت لجنة الإنقاذ الدولية بأن تصاعد الأعمال العدائية أدى إلى نزوح ما لا يقل عن 7 آلاف أسرة حديثاً، مشيرة إلى أن بعض المدارس والمرافق الصحية اضطرت إلى تعليق خدماتها، بما في ذلك العمليات الميدانية التي تنفذها اللجنة.
ويجدر الإشارة إلى أن هيئة تحرير الشام، التي تُعد الفرع السوري لتنظيم القاعدة، كانت تُعرف سابقًا باسم جبهة النصرة. الهيئة قامت بتغيير اسمها عدة مرات في محاولة للنأي بنفسها عن تنظيم القاعدة، إلا أن ارتباطاتها السابقة بالتنظيم لا تزال تثير جدلاً واسعاً على الساحة الدولية.
وكشف "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الشهر الماضي عن استعداد هيئة تحرير الشام لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد القوات الحكومية السورية. ويأتي هذا التصعيد المحتمل وسط تحذيرات تركية واضحة من مغبة أي تصعيد قد يجرّ المنطقة إلى تداعيات كارثية
ويُذكر أن الاشتباكات تشير إلى تدهور الوضع الأمني في شمال غرب سوريا خاصة في ظل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا الذي بدأ بالسريان منذ آذار/ مارس 2020.