في السودان، لا تزال القصص المأساوية تتوالى، كاشفةً عن حجم العنف الذي يعيشه المدنيون وسط صراع دموي لا يعرف نهاية.
برزت حكاية قسمة علي عمر، الفتاة التي تنتمي إلى قبيلة الزغاوة من إقليم كردفان، والتي تعمل مزارعة، كشاهد على فداحة الانتهاكات في السودان، بعدما تعرّضت لتعذيب وحشي انتهى بموتها في ظروف صادمة.
جريمة موثقة والدعم السريع تنفي
وفق ما تم تداوله، أقدم عنصر في قوات الدعم السريع يُدعى عبدالله محمد، الملقب بـ"الصكا"، على تعليق قسمة بحبال على شجرة لساعات طويلة، مع توثيق الواقعة بالصور والفيديو.
انتشر المشهد سريعًا على منصات التواصل، لتتداول وسائل الإعلام أخبار وفاتها متأثرة بالتعذيب القاسي، وسط روايات أشارت إلى أن السبب كان اتهامها زورًا بالتواصل مع "جهات معادية" بعد إرسالها رسالة صوتية إلى أحد أقربائها.
لكن قوات الدعم السريع سارعت إلى نفي مسؤوليتها في بيان عبر قناتها الرسمية على "تليغرام"، واعتبرت أن الفيديو "مفبرك" ويهدف إلى "تشويه صورتها"، مضيفة أن "هذه الاتهامات لا تمت إلى أخلاق قواتنا بصلة، بل تعكس ارتباك النظام الإرهابي وأبواقه المأجورة"، على حد تعبيرها.
مأساة أوسع
وصفت منظمة "مشاد" الحقوقية المشهد بأنه تجسيد لمعاناة النساء في السودان، ورمز لانتهاكات موثقة ارتكبت في دارفور ومناطق أخرى.
ورأت أن الجريمة ليست معزولة، بل جزء من سلسلة اعتداءات وحشية "تتفاخر" بها القوات عبر تصويرها، مشيرة إلى أن الضحية توسلت لجلاديها ألا يجهزوا على حياتها لأنها المعيل الوحيد لوالدتها.
ودعت المنظمة إلى تحرّك دولي عاجل معتبرة أن ما يجري في السودان ليس شأنًا محليًا، بل اختبارًا حقيقيًا لضمير الإنسانية جمعاء.
ردود فعل غاضبة
على منصات التواصل، أثارت القضية موجة غضب واسعة. كتب أحدهم على منصة "إكس": "قسمة ليست مجرد اسم في خبر عابر، هي قصة إنسانية تستحق أن تُروى، وظلم يجب أن يتوقف".
وآخر وصف الجريمة بأنها "تعذيب حتى الموت مع توثيق كامل، بينما الحكومة صامتة بلا رد فعل".
وفي منشورات أخرى، وُصفت الاعتداءات بأنها "منهج" متكرر لا مجرد "أعمال فردية".
من جهته، اعتبر أحد المغردين أن الفيديو "صادم لكنه متوقع من مليشيات فعلت كل شيء بحق النساء والأطفال والعزل في السودان".
وتأتي هذه الحادثة في سياق أوسع من الاتهامات الموجهة إلى قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع في نيسان/ أبريل 2023، حيث تطالب الحكومة السودانية المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتصنيفها "منظمة إرهابية"، متهمةً إياها بارتكاب جرائم إبادة جماعية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وكل ذلك يجري بينما يعيش السودانيون أوضاعًا إنسانية متدهورة، مع تفشي الكوليرا ونقص الغذاء والدواء، وصولًا إلى مجاعة تفتك بالمدنيين وسط نظام صحي على شفا الانهيار.