بين وعود السلام وضغوط الحرب، تطرح واشنطن خطة جديدة تراهن على تغيير المعادلة في غزة والشرق الأوسط، فيما تثمّن تل أبيب الخطوة.
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، عن خطة شاملة للسلام في الشرق الأوسط، قال إنها تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة وتحقيق "سلام أبدي" في المنطقة.
وقال ترامب إن الخطة "باتت قاب قوسين أو أدنى من حل مشكلة قديمة"، مشيرا إلى أنه يتحدث عن "السلام في الشرق الأوسط بأسره لا مجرد وقف الحرب في غزة". وأضاف أنه بحث مع نتنياهو "كيفية إنهاء الحرب في غزة"، متعهدا بإعلان "مبادئ تحقيق السلام في الشرق الأوسط خلال أيام قليلة".
وأكد ترامب أن مقترحه "يطالب بإطلاق سراح جميع الرهائن بشكل فوري وخلال 72 ساعة"، وأنه "بموجب الخطة سيُعاد رفات الشبان الإسرائيليين فورا إلى عائلاتهم"، مشيرا إلى أن الخطة تشمل أيضا "نزع سلاح حماس بشكل فوري وتدمير بنيتها العسكرية".
وأوضح أن الأطراف المعنية "ستتفق على جدول زمني لانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة على مراحل"، لافتا إلى أن "الدول العربية والإسلامية ستكون مسؤولة عن التعامل مع حركة حماس".
وكشف ترامب أن خطته تدعو إلى "تأسيس هيئة دولية إشرافية جديدة على قطاع غزة باسم مجلس السلام"، مشيرا إلى أنه "سيترأس شخصيا المجلس بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير". وأوضح أن "المجلس سيكون مسؤولا عن تشكيل حكومة في غزة بمشاركة فلسطينيين وغيرهم، على ألا تكون حماس جزءا منها".
وأشار ترامب إلى أن "الدول العربية التي ذُكرت وافقت على نزع السلاح من غزة"، مؤكدا أن "على الدول العربية والإسلامية أن تتعامل مع حركة حماس".
كما قال: "حين سلّمت إسرائيل قطاع غزة للفلسطينيين، أنا كرجل خبير في العقارات، قلت كيف يسلمونهم واجهة بحرية كهذه؟ ومع هذا ورغم كرم الإسرائيليين، لم ينجح هذا الأمر".
وأضاف الرئيس الأميركي أنه "يفتخر باعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان"، كما تباهى بـ"سحب التمويل من وكالة الأونروا التي وصفها بالفاسدة"، معتبرا أن هذه القرارات كانت "خطوات ضرورية لتحقيق سلام حقيقي يقوم على الواقعية لا الأوهام".
وأكد الرئيس الأميركي أن "نتنياهو يعارض بشدة قيام دولة فلسطينية"، مضيفا: "أتفهم ذلك، لكنه محارب، وإسرائيل محظوظة بوجوده، فيما الشعب يريد السلام والتطبيع". وقال إن "الكثير من الفلسطينيين يتمنون العيش بسلام وهؤلاء يحظون بدعمي"، داعيا الفلسطينيين إلى "إدانة الإرهاب بشكل كامل".
وأضاف ترامب أن خطته "تدعو لإنهاء الحرب فورا واستعادة الرهائن وإرساء ظروف مستدامة لأمن إسرائيل ونجاح الفلسطينيين"، متوقعا أن "يصمت الرصاص في غزة خلال بضعة أيام".
وأشار إلى أن "قادة المنطقة مذهلون وهم منخرطون بشكل كامل في خطة السلام"، موضحا أنه تلقى "تجاوبا من قادة عرب ومسلمين ومن حلفاء في أوروبا"، وشكرهم على دعم المبادئ التي أعلنها.
كما كشف أن "الرئيس الباكستاني ورئيس أركان الجيش موافقان على صفقة السلام"، مشيرا إلى أن "اتفاقات أبراهام كانت البداية، وأن الخطة الجديدة ستوسعها وقد تنضم إيران إليها".
وأَضاف :"إذا رفضت حماس هذا الاتفاق، فإن نتنياهو سيحصل على دعمنا الكامل للقيام بما يجب"، مضيفا: "للمرة الأولى منذ آلاف السنين، وصلنا إلى هذه المرحلة، وحان الوقت لاستعادة الرهائن وتحقيق السلام".
نتنياهو: خطة ترامب بداية جديدة
من جهته، أعلن نتنياهو عن موقفه الداعم لخطة السلام التي طرحها ترامب، واصفًا إياها بـ"بداية جديدة للمنطقة" ومرجّحًا أن تشكل إطارًا لإعادة ترتيب الأوضاع في غزة. وأكد نتنياهو أن رؤية ترامب "ساهمت في تغيير العالم إلى الأفضل"، وأن تنفيذ هذه الخطة من شأنه أن ينعكس على إعادة الرهائن أحياء وأمواتًا ونزع سلاح حماس.
وقال نتنياهو إن إسرائيل تثمّن موقف ترامب بعدم منح السلطة الفلسطينية أي دور في غزة قبل استيفاء عدد من الشروط، مشدّدًا على ضرورة تحقيق كل أهداف الخطة الأمريكية، ومن بينها إنهاء وجود حماس في القطاع. وأضاف أن الاعتراف بدولة فلسطينية في هذه المرحلة يمثل "خطرًا على وجود إسرائيل".
وفيما يتعلق بالتحالفات الإقليمية، أكد نتنياهو إمكانية توسيع اتفاقيات أبراهام لتشمل دولًا إضافية، ورأى أن التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة قادر على "تغيير وجه الشرق الأوسط".
وعن مقترح إنشاء هيئة دولية لإدارة غزة، قال نتنياهو إن نجاح هذه الهيئة سيعني "إنهاء الحرب بشكل دائم". لكنه حذّر من خيار بديل في حال رفضت حماس الخطة، موضحًا أن إسرائيل "ستقوم بإنهاء المهمة بأنفسنا" إذا اقتضت الضرورة، وأنه على استعداد لاتخاذ "خطوة جديدة للفوز بالحرب وتحقيق السلام".
اتصال ثلاثي.. ونتنياهو يعبّر عن أسفه
تطرق نتنياهو إلى الاتصال الذي جرى مع رئيس وزراء قطر، حيث أعرب عن أسفه لانتهاك إسرائيل سيادة قطر، وزعم أن الهدف من الضربة الصاروخية كان استهداف "الإرهابيين وليس قطر"، مؤكدًا أن بلاده لن تنفذ مثل هذا الهجوم مرة أخرى.
وكان البيت الأبيض قد أعلن أن ترامب شارك في اتصال ثلاثي ضمّ نتنياهو، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وأوضح البيت الأبيض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعرب خلال الاتصال عن أسفه البالغ لمقتل رجل أمن قطري وقع "عن غير قصد" خلال الضربة الصاروخية الإسرائيلية التي استهدفت قيادات من حركة "حماس".
وأشار البيان إلى أن رئيس الوزراء القطري رحّب بالتصريحات الإسرائيلية، وأكد استعداد الدوحة لمواصلة مساهمتها الهادفة إلى تحقيق أمن واستقرار الإقليم.
وقد كشفت هيئة البث الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر مطّلع، أنّ نتنياهو لم يطلع وزراء حكومته على قضية الاعتذار لقطر، في وقتٍ أكّد المصدر ذاته أنّ الدوحة اشترطت اعتذارًا رسميًا من نتنياهو لمواصلة مشاركتها في المفاوضات الجارية.
تفاصيل خطة إنهاء الحرب
أعلن البيت الأبيض أن خطة إنهاء الحرب في غزة تتضمن عدة بنود أساسية، من بينها بدء حوار فلسطيني إسرائيلي يهدف إلى الاتفاق على أفق سياسي للسلام، إلى جانب الإفراج عن الرهائن أحياءً وأمواتًا خلال 72 ساعة من موافقة إسرائيل على الخطة.
وأوضح أن الخطة تنص على إنهاء الحرب فور موافقة الطرفين عليها، مشيرًا إلى أن المقترح يهدف إلى تمهيد الطريق نحو تسوية شاملة تضع حدًا للأعمال القتالية وتفتح مسارًا سياسيًا جديدًا بين الجانبين.
وتهدف خطة البيت الأبيض، بحسب البيان، إلى تحويل القطاع لـ"منطقة خالية من التطرف والإرهاب" لا تشكل تهديداً لجيرانها. وتنص على ضمانات بأن إسرائيل لن تحتل غزة أو تضمها، ولن يُجبر أي طرف على مغادرتها.
كما تقترح صفقة تبادل محددة تقضي بأن تفرج حماس عن رفات أسير إسرائيلي مقابل رفات 15 متوفّى من غزة. وتشمل الخطة انسحاب الجيش الإسرائيلي وفق جداول زمنية ومعايير مرتبطة بعملية نزع السلاح، وإجراءات لإطلاق سراح أسرى.
وبعد استكمال عمليات الإفراج عن الأسرى ستفرج إسرائيل عن 250 سجيناً محكوماً بالمؤبد بالإضافة إلى 1700 معتقل من سكان غزة اعتُقلوا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتشترط الخطة إدخال المساعدات بشكل كامل وفوري إلى القطاع عند قبول الاتفاق مع توسيع نطاقها، وتوفير ممرّ آمن لأعضاء حركة حماس الراغبين في مغادرة القطاع.