بينما يمضي الجيش اللبناني في تنفيذ خطته لحصر السلاح بيد الدولة بعد سجال محتدم، صدر اليوم اقتراح غير مألوف عن نائبٍ لبناني يرى في الأنفاق العسكرية فرصة اقتصادية وسياحية.
أعلن النائب المستقل أديب عبد المسيح، المعروف بمواقفه الحادة ضد حزب الله، عبر منصة "إكس" عن مبادرة وصفها بأنها "تحويل للتحديات إلى فرص".
وكتب قائلاً: "عنقودٌ من زجاجات لا من قنابل... مشروع تعتيق النبيذ في أنفاق الجنوب. سأتقدّم باقتراح رسمي إلى الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية يقضي بعدم تفجير أو هدم الأنفاق المكتشفة في الجنوب، لما تمتلكه من قيمة مضافة يمكن تحويلها إلى منشآت ذات طابع اقتصادي وسياحي تحديدًا مخازن لتعتيق النبيذ على غرار أنفاق Milestii Mici في جمهورية مولدوفا".
واعتبر أنّ هذه التجربة يمكن أن تجعل من "المعالم الخلافية رموزًا وطنية منتجة تعبّر عن قدرة اللبنانيين على تحويل الاختلافات إلى مصدر غنى ووحدة".
خارطة طريق نحو نزع السلاح
يأتي اقتراح عبد المسيح في خضمّ تنفيذ الجيش اللبناني للخطة الحكومية الهادفة إلى حصر السلاح بيد الدولة، وهي خطة أقرتها الحكومة اللبنانية في آب/ أغسطس تحت ضغطٍ أمريكي وتهديداتٍ إسرائيلية بتوسيع عملياتها العسكرية.
وقد سبق ذلك مفاوضات بين واشنطن وبيروت منذ حزيران/ يونيو، تمحورت حول "خارطة طريق" تتضمّن نزع سلاح حزب الله مقابل وقف الضربات الإسرائيلية وانسحاب القوات الإسرائيلية من خمس نقاط حدودية محتلة، إضافةً إلى تمويل دولي لإعادة إعمار المناطق الجنوبية المتضررة.
وفي أيلول/ سبتمبر، وضع الجيش اللبناني خطة تنفيذية ورفع يوم الاثنين أول تقرير مفصّل بشأن مراحل التنفيذ والتحديات الميدانية. ومن ضمن مهامه، أوكلت إلى الجييش مهمة رصد وتفكيك البنى العسكرية الخارجة عن سلطة الدولة، بما فيها الأنفاق التي تزعم إسرائيل أنّ حزب الله استخدمها لتهديد بلداتٍ في شمالها.
وقد رفض الحزب خطة الحكومة اللبنانية لتجريده من سلاحه، واعتبر أنها "خطيئة كبرى".
ماذا نعرف عن أنفاق "Milestii Mici"؟
تُشكّل أنفاق حزب الله الممتدة تحت الجنوب اللبناني منظومة معقّدة صُمّمت لأغراض عسكرية، استخدمها الحزب لتخزين الأسلحة ونقل المقاتلين والمؤن بعيدًا عن الرصد، ولتنفيذ عمليات ضد إسرائيل.
وقد استحضر عبد المسيح نموذج Milestii Mici في مولدوفا ليقترح تحويل هذه البنى إلى منشآت اقتصادية، على غرار الأنفاق التي حفرت لأغراض عسكرية أيضًا خلال الحرب العالمية الثانية ثم تحولت إلى أضخم أقبية نبيذ في العالم.
بعد الحرب، استُخرج الحجر الجيري من الأنفاق لإعادة بناء العاصمة كيشيناو. ومع مرور الوقت، تبيّن أن درجة الحرارة الثابتة (14 مئوية) والرطوبة العالية (85%) تشكلان بيئة مثالية لتخزين النبيذ.
وفي عام 1969، جرى تحويل الموقع إلى قبوٍ لتخزين وتعتيق النبيذ، وأُدرج لاحقًا ضمن قائمة أقبية النبيذ الوطنية في مولدوفا. واليوم، تمتد الأنفاق على أكثر من 200 كيلومتر، منها 55 كيلومترًا مستخدمة فعليًا، وتضمّ أكثر من مليوني زجاجة نبيذ تُصدّر إلى الولايات المتحدة، الصين، أوروبا، واليابان.