ينصّ التعديل الثاني والعشرون للدستور الأميركي بوضوح على عدم جواز انتخاب أي رئيس لأكثر من ولايتين، سواء كانتا متتاليتين أو منفصلتين.
أعاد المساعد السابق في البيت الأبيض ومذيع البودكاست المعروف ستيف بانون، الجدل حول نوايا الرئيس الأميركي دونالد ترامب المستقبلية، بعدما قال في مقابلة مع مجلة ذا إيكونوميست إن "ترامب سيكون رئيساً في عام 2028"، مؤكداً أن هناك "خطة" لتحقيق ذلك، سيتم الكشف عنها "في الوقت المناسب".
بانون، الذي يعد من أبرز وجوه حركة "اجعلوا أمريكا عظيمة مجدداً" (MAGA)، لمح إلى وجود مساعٍ منظمة لإبقاء ترامب في الحكم لفترة ثالثة، رغم أن الدستور الأميركي يمنع ذلك بشكل صريح.
خطة "غير معلنة"
قال بانون في المقابلة التي أُجريت في 23 أكتوبر: "ترامب سيكون رئيساً في عام 2028، وعلى الناس أن يتقبلوا ذلك. في الوقت المناسب، سنعرض ما هي الخطة. لكن هناك خطة".
ويأتي هذا التصريح رغم أن بانون لم يعد يشغل أي منصب رسمي داخل البيت الأبيض، بعد أن قضى أربعة أشهر في السجن العام الماضي وأقر بالذنب في قضايا احتيال منفصلة. إلا أنه ما زال يحتفظ بنفوذ معنوي داخل أوساط قاعدة ترامب الشعبية، ويُنظر إليه كأحد أكثر مؤيديه تأثيراً في التيار اليميني الأميركي.
الحاجز القانوني الأكبر
ينصّ التعديل الثاني والعشرون في الدستور الأميركي بوضوح على أنه لا يجوز لأي رئيس أن يُنتخب لأكثر من فترتين، سواء كانتا متتاليتين أم منفصلتين. ومع ذلك، لم يتردد ترامب في التلميح مراراً إلى إمكانية السعي لولاية ثالثة، منذ فوزه بإعادة الانتخاب في عام 2024.
وفي إحدى المناسبات في فبراير الماضي، وأثناء استقبال في البيت الأبيض، تساءل ترامب مازحاً أمام الحضور: "هل ينبغي أن أترشح مرة أخرى؟ أنتم قولوا لي".
تصريحات كهذه أثارت قلقاً واسعاً بين المراقبين والسياسيين الأميركيين، باعتبارها إشارة إلى استعداد ترامب لاختبار حدود السلطة التنفيذية ومبادئ التداول السلمي للسلطة التي تُعدّ أساس الديمقراطية الأميركية.
تضارب في مواقف ترامب
رغم التصريحات المتكررة التي ألمح فيها ترامب إلى احتمال الترشح مجدداً، فإنه بدا متراجعاً في بعض المقابلات. ففي حديث مع شبكة NBC News في مايو الماضي، قال إنه لا يفكر في الترشح لولاية ثالثة، معترفاً بأن ذلك سيكون مخالفاً للدستور.
وأضاف ترامب في المقابلة: "الكثير من الناس يريدون مني أن أفعل ذلك، لم أتلقَّ من قبل طلبات بهذه القوة، لكن حسبما أعلم، لا يُسمح بذلك".
ردود حذرة من الجمهوريين
في المقابل، قلّل قادة الحزب الجمهوري من أهمية تصريحات ترامب ومؤيديه حول "الولاية الثالثة". وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثيون، عن ولاية ساوث داكوتا، في مارس الماضي إن ترامب لا يمكنه البقاء في البيت الأبيض "دون تعديل في الدستور".
وفي مقابلة مع شبكة CNN في سبتمبر، وصف ثيون هذه التصريحات بأنها "مزاح سياسي أكثر من كونها خطة فعلية"، مضيفاً: "أعتقد أن الدستور واضح جداً بشأن هذه المسألة، ولا مجال للتأويل".
تصريحات بانون الأخيرة أعادت إلى الواجهة المخاوف من احتمال تصاعد الخطاب الداعي إلى تمديد بقاء ترامب في السلطة، خاصة في ظل نفوذه المتنامي داخل الحزب الجمهوري وقاعدته الشعبية الصلبة. ويرى مراقبون أن مثل هذه التصريحات، حتى وإن جاءت في سياق "دعائي"، قد تعزز الخطاب المثير للانقسام داخل المجتمع الأميركي مع اقتراب الانتخابات المقبلة عام 2028.
"لا للملوك"
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق من الشهر الحالي، موجة احتجاجات واسعة ضد الرئيس ترامب، تحت شعار "لا للملوك"، احتجاجًا على ما يعتبره المحتجون "نهجًا سلطويًا" في إدارة الرئيس الجمهوري.
وأفاد المنظمون بأن نحو سبعة ملايين شخص شاركوا في أكثر من 2700 فعالية، ما يمثّل زيادة بنحو مليوني متظاهر مقارنةً بالجولة الأولى من الاحتجاجات في يونيو/حزيران الماضي. ووصفت الشرطة المظاهرات بأنها “سلمية إلى حد كبير”، مشيرة إلى أن العديد من المدن الكبرى لم تسجّل أي حوادث أو اعتقالات مرتبطة بالاحتجاجات.
ويُقاد الاحتجاج من قبل تحالف من الجماعات اليسارية، سبق له تنظيم تظاهرات مماثلة في يونيو الماضي، حيث خرج الملايين للتعبير عن رفضهم للرئيس، في يوم متزامن مع إقامة ترامب عرضًا عسكريًا في واشنطن.
من جهته رد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الحملة عبر منشور على حسابه في منصة التواصل الاجتماعي تروث سوشيال، نشرفيه مقطع فيديو تم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، مستوحى من فيلم رسوم متحركة بعنوان “الملك ترامب” (Le Roy Trump). ويظهر في المقطع، مشهد يصوّر المتظاهرين وهم يُغطَّون بالبراز، في رسالة ساخرة ومهينة تجاه المشاركين في احتجاجات “لا للملوك”.