تفتح دراسة علمية جديدة نافذة أمل أمام المرضى الذين فقدوا حاسة الشم جراء إصابات الرأس، بعدما أظهرت نتائج أولية أن علاجًا يعتمد على حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) قد يساعد في استعادتها.
نُشرت نتائج الدراسة في عدد تشرين الأول من مجلة "أمراض الأنف والأذن والحنجرة، الرأس والعنق"، وقادها الطبيب البلجيكي جيروم لوشيان من جامعة مونس، حيث خضع 33 مريضًا فقدوا حاسة الشم بعد إصابات دماغية لتجربة هذا العلاج الجديد، فحقق الثلث تحسّنًا ملموسًا بعد ثلاثة أشهر فقط من الحقن.
وقد أفاد المشاركون بأن قدرتهم على الشم تحسّنت بشكل ملحوظ بعد تلقي حقن البلازما في منطقة الأنف، فيما أظهرت الاختبارات النفسية-الفيزيولوجية تحسنًا في الدرجات المرتبطة بالشم، متفوّقة على نتائج بروتوكولات التدريب الشمي وحدها.
نتائج واعدة
أشار الباحثون إلى أن 67% من المرضى شعروا بتحسّن بعد حقنة واحدة فقط، وأن متوسط الوقت الذي تمكن فيه المرضى من تمييز الروائح للمرة الأولى بلغ نحو 5.4 أسابيع.
وقال الدكتور لوشيان: "تُعدّ هذه الدراسة الأولى عالميًا التي تُظهر أن حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية يمكن أن تحفّز استعادة حاسة الشم بعد إصابات الرأس، حتى بعد مرور سنوات على الحادثة".
وأضاف أن "غياب العلاجات الفعّالة لهذه الحالات يجعل من هذا الاكتشاف خطوة مهمة تمنح الأمل لمرضى يعانون من فقدان مزمن لحاسة الشم يؤثر على جودة حياتهم وسلامتهم الشخصية".
آلية العلاج وآفاق البحث
يعتمد علاج الـPRP على استخلاص بلازما من دم المريض نفسه، تحتوي على عوامل نمو تساهم في ترميم الأنسجة وتجديد الخلايا العصبية. ويُحقن هذا المزيج في الجزء العلوي من الأنف المسؤول عن الروائح.
ورغم أن الدراسة شملت عددًا محدودًا من المرضى الذين فقدوا حاسة الشم لمدة تجاوزت في المتوسط أربع سنوات ونصف (55 شهرًا)، فإن النتائج تشير إلى أنه حتى الحالات المزمنة يمكن أن الاستفادة من هذا النهج العلاجي. ومع ذلك، شدّد الدكتور لوشيان على ضرورة إجراء تجارب سريرية أوسع وأكثر تنوعًا لتأكيد فعالية العلاج وتحديد الجرعات والتقنيات المثلى لاستخدامه مستقبلاً.
ويُشار إلى أن فقدان حاسة الشم لا يقتصر على فقدان متعة تذوق الطعام، بل يتعداه إلى جوانب السلامة الشخصية، مثل القدرة على اكتشاف تسرب الغاز أو الدخان، وإلى التأثير على الصحة النفسية والعاطفية.
وتشير التقديرات إلى أن ما بين 5% و30% من الأشخاص الذين تعرّضوا لإصابات في الرأس يفقدون حاسة الشم، بينما يستعيد 17% إلى 27% منهم قدرتهم على الشم جزئيًا بمرور الوقت، في حين يواجه كثيرون فقدان هذة الحاسة بشكل دائم في ظل غياب العلاجات الفعّالة.
 
     
     
     
     
             
             
             
    