تزامنت هذه التحركات مع إعلان الجنائية الدولية عن بدء إجراءات لحفظ الأدلة المتعلقة بالانتهاكات في دارفور بعد تقارير عن مقتل مئات المدنيين في الفاشر.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، إلى وقف فوري للعنف في السودان، محذرًا من تفاقم الوضع الإنساني الخطير،في وقت تتكثف فيه الجهود الدولية لإنهاء الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وخلال كلمته على هامش القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة، شدد غوتيريش على ضرورة وضع حد لما وصفه بـ"كابوس العنف" الذي يعيشه السودانيون، قائلاً: "أدعو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى العمل مع مبعوثي الشخصي للتوصل إلى تسوية تفاوضية".
وفي وقت سابق، أوضح الأمين العام أن الشعب السوداني يعيش معاناة غير مسبوقة من الجوع والأمراض والعنف الإثنيّ، مشيراً أمام مجلس الأمن إلى أن أكثر من 25 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية بعد 18 شهرًا من الحرب. كما حذر من ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين و"أعمال الاغتصاب واسعة النطاق"، معربًا عن صدمته من "الفظائع التي لا توصف".
وفي السياق ذاته، طالبت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي بتسهيل وصول المساعدات إلى السودان من مختلف المعابر، محذّرة من "مجاعة محدقة" تهدد الملايين في ظل استمرار القتال وتدهور الأمن الغذائي.
"صدمة قطرية من فظائع الفاشر"
من جهته، عبّر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن "صدمته" إزاء ما وصفها بـ"الفظائع" التي ارتُكبت في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، مؤكّدًا إدانته "القاطعة" لها، وداعيًا إلى التوصل إلى حل سياسي يضمن وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.
وقال الشيخ تميم خلال افتتاح القمة: "عاش السودان أهوال هذه الحرب منذ عامين ونصف، وقد آن الأوان لوقفها.. تجاهل الحروب الأهلية ونتائجها يقود دوماً إلى مثل هذه الصدمات."
وجدّد الأمير تأكيده على وقوف الدوحة إلى جانب الشعب السوداني، واستعدادها لدعم أي مسار سياسي أو إنساني يُسهم في وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات العاجلة إلى المتضررين.
واشنطن تسعى لهدنة إنسانية
ذكرت وكالة "فرانس برس"، الثلاثاء، نقلاً عن مصدر حكومي، أن السلطات السودانية تدرس مقترحًا أميركيًا لوقف إطلاق النار. وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن مجلس الأمن والدفاع سيعقد اجتماعًا اليوم (الثلاثاء) لبحث تفاصيل المبادرة الأميركية الخاصة بالهدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي تحرّك دبلوماسي متوازٍ، كشف مستشار الشؤون الإفريقية في الإدارة الأمريكية، مسعد بولس، أن واشنطن تعمل مع طرفي الصراع للتوصل إلى هدنة إنسانية قد تُعلن قريبًا.
وأوضح في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" أن الخطة التي تقودها الولايات المتحدة، بالتعاون مع السعودية ومصر والإمارات ضمن ما يُعرف بـ"الرباعية"، تتضمن هدنة مدتها ثلاثة أشهر تتبعها عملية سياسية تمتد لتسعة أشهر.
وأشار إلى أن "الفظائع التي شُوهدت غير مقبولة على الإطلاق"، في إشارة إلى مقاطع مصوّرة تُظهر مقاتلي قوات الدعم السريع وحلفاءهم يرتكبون انتهاكات ضد المدنيين، بما في ذلك القتل والاعتداءات الجنسية.
الفاشر.. جرح دارفور المفتوح
جاءت هذه الدعوات والتحركات الدولية في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر بعد حصار دام 18 شهرًا، حيث أفادت منظمات إنسانية بأن مسلحين قتلوا ما لا يقل عن 460 شخصًا في أحد المستشفيات واختطفوا أطباء وممرضين.
ووصفت المحكمة الجنائية الدولية ما جرى في الفاشر بأنه جزء من نمط أوسع من العنف الذي يعصف بإقليم دارفور، محذّرة من أن هذه الانتهاكات قد تُصنف كـ"جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وأعلنت أنها تعمل على الحفاظ على الأدلة تمهيدًا لملاحقات قضائية مستقبلية.
وكانت المحكمة قد أصدرت، في وقت سابق، أول إدانة لها في قضايا دارفور بحق المتهم علي محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ"علي كوشيب"، بتهم تتعلق بإصدار أوامر بتنفيذ إعدامات جماعية وقتل سجينين بفأس.
وبدأت الحرب في نيسان/أبريل 2023 إثر صراع على السلطة بين عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، ومحمد حمدان دقلو "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع. ومنذ ذلك الحين، قُتل عشرات الآلاف ونزح ملايين المدنيين.