يتوجّه المبعوثان الأميركيان جاريد كوشنر وستيفن ويتكوف إلى إسرائيل لبحث أزمة مقاتلي حماس العالقين داخل أنفاق رفح في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل.
تتفاقم الأزمة المتعلقة بمقاتلي حركة حماس العالقين داخل أنفاق رفح في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل والمعروفة بـ"الخط الأصفر"، وسط مزيج من الضغوط الأميركية والمواقف الإسرائيلية المتشددة ورفض واضح من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس للاستسلام أو تسليم المقاتلين أنفسهم.
هذا الملف الذي ظهر مباشرة بعد سريان وقف إطلاق النار تحوّل إلى عقدة تفاوضية حساسة تهدد التفاهمات الميدانية في جنوب قطاع غزة.
ربط أميركي بين ملف غولدن وعناصر حماس داخل الأنفاق
بحسب موقع أكسيس الأميركي، الذي نشر تقريرًا في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، برز خلال الأيام الماضية ربط مباشر بين إعادة جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن وبين إمكانية إيجاد مخرج لأزمة المقاتلين العالقين في الأنفاق. ووفق الموقع، فإن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مارست ضغوطًا على حماس لإعادة الجثمان في إطار مقترح يُقدَّم كخطوة أساسية لبلورة نموذج يمكن البناء عليه لاحقًا لنزع سلاح الحركة واحتواء الوضع في رفح.
زيارة كوشنر وويتكوف: تحرك أميركي لمعالجة الملف
وفي موازاة هذه المقاربة، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن المبعوثين الأميركيين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف يصلان غدًا إلى إسرائيل لبحث ملف المقاتلين المحاصرين، فضلًا عن متابعة تنفيذ خطة وقف الحرب التي تعمل عليها واشنطن بالتنسيق مع تل أبيب.
إعادة الجثة كمدخل سياسي لحل الأزمة
أما القناة 12 الإسرائيلية فقد نقلت عن مسؤول أميركي رفيع أن إعادة رفات غولدن قد تمنح رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو هامشًا سياسيًا أكبر للموافقة على صيغة خروج منظّمة من الأنفاق.
وبحسب القناة، فإن المقترح الأميركي يقوم على تسلسل يبدأ بإعادة الرفات، ثم تسليم المقاتلين أسلحتهم، يلي ذلك منحهم مرورًا آمنًا نحو مناطق تخضع لسيطرة حماس أو إلى دولة ثالثة، على أن تُدمَّر الأنفاق بشكل كامل بعد إتمام العملية.
وفي الاتجاه نفسه، نقلت صحيفة معاريف عن مصدر إسرائيلي أن الضغوط الأميركية باتت تُمارس بهدف الحفاظ على استقرار وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول، في ظل مخاوف من أن يؤدي استمرار حصار المقاتلين داخل منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية إلى تجدد الاشتباكات.
تشدد عسكري إسرائيلي: "قتل أو استسلام"
وقبل أيام، أفادت القناة 12 بأن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير عبّر خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغّر عن رفضه السماح بترحيل المقاتلين المحاصرين، معتبرًا أن الأزمة يجب أن تنتهي إما بقتلهم أو باستسلامهم، ومشيرًا إلى أن مفهوم الاستسلام من وجهة نظره يعني خروجهم شبه عراة، معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي، ونقلهم مباشرة إلى معسكر سديه تيمان.
وفي سياق موازٍ، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه أصدر تعليمات واضحة تقضي بتدمير ومحو شبكة أنفاق حماس حتى آخر نفق، معتبرًا أن هذا المسار هو الركيزة الأساسية لعملية تجريد غزة من السلاح، ولا سيما داخل المنطقة الصفراء التي تشكل نحو 53 في المئة من مساحة القطاع.
موقف القسام: رفض مطلق للاستسلام
في المقابل، أصدرت كتائب القسام اليوم بيانًا أكدت فيه مفهوم الاستسلام غير وارد في قاموسها، وأن الجيش الاسرائيلي يتحمّل وحده مسؤولية الالتحام مع عناصرها داخل منطقة يسيطر عليها بالكامل، مؤكدة أنها التزمت بعملية استخراج الجثث رغم ما رافقها من ظروف شديدة التعقيد، وأن استكمال العملية يحتاج إلى طواقم ومعدات إضافية. كما حمّلت القسام الوسطاء مسؤولية إيجاد صيغة تكفل استمرار وقف إطلاق النار وتمنع إسرائيل من اتخاذ ذريعة لخرقه.
ملف مفتوح على احتمالات دقيقة
وفق كل هذه المعطيات، يظهر بوضوح أن الملف يقف على مفترق حساس يجمع تشددًا إسرائيليًا، مقابل موقف من القسام يرفض الاستسلام بالمطلق، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى منع انهيار وقف إطلاق النار من خلال ربط الملفات ببعضها ومحاولة فرض تسلسل يتيح تفكيك الأزمة تدريجيًا.
وهكذا يبقى مستقبل المقاتلين المحاصرين داخل أنفاق رفح معلّقًا بين مواقف متصلبة ومبادرات أميركية تحاول حصر المخاطر وحماية الهدنة، فيما يترقب الوسطاء نتائج زيارة ويتكوف وكوشنر المقبلة لإسرائيل وما إذا كانت ستفتح ثغرة في واحد من الملفات المعقدة.