يأتي الإضراب عن الطعام في سياق استمرار تداعيات قضية "التآمر"، التي تشمل عشرات المتهمين من سياسيين معارضين ومحامين ورجال أعمال، وقد صدرت بحقهم أحكام ابتدائية تراوحت بين 4 و66 عاماً، وصفتها أوساط حقوقية بأنها "سياسية وجائرة".
أعلنت هيئة الدفاع عن رئيس حركة النهضة الإسلامية ورئيس البرلمان التونسي السابق، راشد الغنوشي، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام، تضامناً مع القيادي بجبهة الخلاص الوطني، جوهر بن مبارك، الذي يخوض إضراباً عن الطعام والماء والدواء منذ 29 أكتوبر/تشرين الأول، ما تسبب في تدهور حالته الصحية.
وقال بيان هيئة الدفاع على منصة فيسبوك إن الغنوشي قرر الإضراب عن الطعام "دفاعاً عن استقلالية القضاء والحريات العامة في البلاد، مجدداً موقفه من دعم حقوق المعتقلين السياسيين".
ويأتي ذلك بعد صدور حكم قضائي في أبريل/نيسان الماضي يقضي بسجن بن مبارك، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية، لمدة 18 عاماً في قضية "التآمر على أمن الدولة".
وفي نفس اليوم، وخلال مؤتمر صحفي نظمته "تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين بتونس" بمقر الحزب الجمهوري بالعاصمة، أعلن عدد من الناشطين السياسيين الدخول في إضراب عن الطعام تضامناً مع بن مبارك. وقال الناطق باسم الحزب الجمهوري، وسام الصغير، إن الأمين العام للحزب عصام الشابي بدأ، بدوره، إضراباً عن الطعام من سجنه، "دفاعاً عن استقلالية القضاء وإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي في تونس".
كما أعلن عز الدين بن مبارك الحزقي، والد جوهر بن مبارك، أن عائلته ستبدأ هي الأخرى إضراباً عن الطعام تضامناً مع نجله مطالبا بالإفراج عن ابنه وعن جميع المعتقلين السياسيين.
وأبدت منظمة العفو الدولية قلقها العميق بشأن الحالة الصحية لبن مبارك بعد مرورعشرة أيام من الإضراب، داعية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه وعن جميع المحتجزين في قضية ما يُعرف بـ"التآمر".
وتعود قضية بن مبارك إلى فبراير/شباط 2023، حين تم توقيف سياسيين معارضين ومحامين وناشطي مجتمع مدني بتهم تتعلق بـ"محاولة المساس بالنظام العام، وتقويض أمن الدولة، والتخابر مع جهات أجنبية، والتحريض على الفوضى أو العصيان".
وينفي محامو المتهمين صحة التهم الموجهة إليهم، معتبرين أن القضية "ذات طابع سياسي وتهدف لتصفية الخصوم السياسيين"، في حين تؤكد السلطات التونسية أنها "تحاكم المتهمين وفق القانون على تهم جنائية".
ومنذ تولي الرئيس قيس سعيّد السلطة الكاملة عام 2021 وإقراره ما وصفه بـ"الإجراءات الاستثنائية"، تصاعدت الانتقادات الحقوقية لما اعتُبر تراجعًا كبيرا في الحريات العامة في تونس.