يعوّل الديمقراطيون على أن خصومهم سيواجهون ضغطًا شعبيًا متزايدًا لقبول إجراءات تخفّض تكاليف برنامج الرعاية الصحية.
استطاع الجمهوريون أن يحدثوا اختراقًا كبيرًا في مجلس الشيوخ الأمريكي بعدما استمالوا عددًا من الديمقراطيين في التصويت على إعادة فتح الحكومة والتوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء إغلاق قياسي استمر لـ 40 يومًا، وشل البلاد.
وانتهى ذلك بعد أن انشق عدد من النواب الديمقراطيين عن حزبهم، ما شكّل ضربة لزعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر، وأحدث غضبًا عارمًا وانقسامًا في صفوف الحزب الأزرق، الذي فشل في الحفاظ على تماسك كتلته ولم ينجح في تمرير مطالبه في نهاية المطاف.
ورغم التقدم، فإن الإغلاق لم ينتهِ بعد، لكن تصويت الأحد، الذي جاء بنتيجة 60 مقابل 40، أتاح لمجلس الشيوخ أن يبدأ رسميًا مناقشة مشروع الإنفاق قبل التصويت النهائي عليه.
وإذا أقرّ المجلس المشروع، فسيحتاج بعد ذلك إلى موافقة مجلس النواب — الذي ما زال في إجازة طويلة ولم يحدد بعد موعد عودته — ثم توقيع الرئيس دونالد ترامب.
رغم ذلك ينظر البعض إلى ما حدث على أنه درس مهم للطرفين من معركة الإغلاق، ومن المرجّح أن تكون له تبعات سياسية وتشريعية بعيدة المدى بعد استئناف عمل الحكومة.
هذا ما نعرفه عن الاتفاق الأولي
1- هشاشة تماسك الكتلة الديمقراطية مع طول أمد الإغلاق
على مدى 40 يومًا، نجح السيناتور تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية، في الحفاظ على وحدة كتلته الحزبية بينما استمر الإغلاق الحكومي ليصبح الأطول في تاريخ البلاد. لكن هذا الانضباط لم يستمر، إذ انهار دون أن يتمكّن الديمقراطيون من تحقيق مطلبهم الرئيسي في هذه المعركة: تمديد إعانات التأمين الصحي التي تنتهي بنهاية العام.
وكانت مجموعة من أعضاء الحزب المعتدلين، وهم الذين انشقوا عن زملائهم قد شرحوا أنهم لم يعودوا قادرين على الصمود في وجه صفقة جديدة بينما يعاني الأمريكيون من آثار إغلاق الحكومة.
وأشاروا إلى حصولهم على تعهّد من السيناتور الجمهوري جون ثون بأن يتم التصويت في ديسمبر على الإعفاءات الضريبية المتعلقة بالتأمين الصحي كنوع من الاسترضاء.
مع ذلك، كشف الاتفاق عن الانقسامات المريرة داخل الحزب الديمقراطي، إذ أعلن شومر بحدة أنه لن يصوّت لصالح المشروع لافتقاره إلى بنود تخص الرعاية الصحية، وعبّر عن اعتراضه في قاعة المجلس.
كما انتقد ديمقراطيو مجلس النواب، بمن فيهم زعيم الأقلية حكيم جيفريز، الاتفاق ووصفوه بأنه غير كافٍ، قائلاً: “طالما أكدنا أن أي تشريع تمويلي يجب أن يعالج أزمة الرعاية الصحية التي تسبب بها الجمهوريون”.
2- ملف الرعاية الصحية سيظل محل تجاذبات سياسية
منذ أن أقر الجمهوريون في وقت سابق هذا العام حزمة سياسات داخلية تتضمن خفضًا كبيرًا في مخصصات “ميديكيد” برنامج الرعاية الصحية، ركّز الديمقراطيون هجومهم السياسي على هذا الملف، خصوصًا مع اقتراب انتخابات منتصف الولاية.
إلا أن محاولتهم لأخذ تنازلات في هذا الملف عبر صفقة الإغلاق فشلت، وبات من المتوقع أن ترتفع أقساط التأمين في وقت يشعر فيه الأمريكيون بالقلق من تكاليف العلاج.
مع ذلك، يعوّل الديمقراطيون على أن خصومهم سيواجهون ضغطًا شعبيًا متزايدًا لقبول إجراءات تخفّض تلك التكاليف.
3- ضغط ترامب نجح
استطاع الرئيس دونالد ترامب أن يرفع سقف المواجهة بعدما جعل تداعيات الإغلاق مؤلمة، فمع مرور كل أسبوع، اتسعت دائرة المتضررين من الإغلاق، من مئات آلاف الموظفين الفدراليين الذين لم يتقاضوا رواتبهم، إلى عشرات الملايين المهددين بفقدان مساعدات الغذاء (SNAP)، وصولاً إلى المسافرين العالقين بسبب تعطّل الرحلات الجوية.
ورغم أن استطلاعات الرأي أظهرت أن الجمهور يحمّل الجمهوريين المسؤولية الأكبر، فإن بعض الديمقراطيين رأوا أنه لا بد من إنهاء الأزمة.
علاوة على ذلك، حاول الزعيم الجمهوري أن ينأى بنفسه عن الأزمة، على عكس ما يقوم به الرؤساء في حالة الإغلاق الحكومي، فلم يسمح للقادة الديمقراطيين بزيارة البيت الأبيض، كما لم يزر الكونغرس للتفاوض.
4- مكاسب الديمقراطيين
رغم أنهم خسروا المعركة على ملف الرعاية الصحية، حقق الديمقراطيون بعض الانتصارات في مواجهة إدارة ترامب لتقليص حجم الحكومة الفدرالية.
فقد تضمّن الاتفاق بينهم بنودًا لإعادة الموظفين الذين تم تسريحهم أثناء الإغلاق إلى وظائفهم، ومنع أي تخفيضات إضافية في القوة العاملة حتى 30 يناير، إضافة إلى ضمان دفع الرواتب المتأخرة للموظفين الموقوفين عن العمل.
كما نجحوا في حماية “مكتب المحاسبة الحكومي” (GAO) الذي يتولى مراقبة الإنفاق الفدرالي، بعد أن حاولت إدارة ترامب تقليص تمويله إلى النصف.