أشار النعسان إلى أن "اللجنة تعمل باستقلالية تامة رغم تشكيلها بقرار من وزارة العدل"، وأن صلاحياتها "غير محدودة"، موضحاً أن "الملفات ستُحال إلى القضاء بعد انتهاء التحقيق لمحاسبة كل من يثبت تورطه دون استثناء".
عقدت لجنة كلّفتها السلطات السورية الإنتقالية التحقيق في أحداث السويداء مؤتمراً صحفياً، الأحد، في وزارة الإعلام بدمشق، قدم خلاله رئيس اللجنة، القاضي حاتم النعسان، عرضاً حول مسار التحقيق والنتائج الأولية. وأكد أن "عمل اللجنة يستند إلى المعايير الدولية والقوانين الوطنية لضمان الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة للضحايا والمتضررين".
وأشار النعسان إلى أن أحداث السويداء في يوليو/تموز 2025، التي شهدت "اعتداءات على الأرواح والممتلكات وعمليات تهجير قسري وتصاعد خطاب الكراهية، لا يمكن التعامل معها عبر حلول سياسية أو شكلية، بل تتطلب تحقيقاً مهنياً شاملاً يستوفي المعايير القانونية والإنسانية".
وأوضح أن "اللجنة تعتمد في عملها على القرار 1287 لعام 2025، والمبادئ الأساسية للقانون الجنائي الدولي، واتفاقيات جنيف، إضافة إلى القوانين الوطنية". وتتمثل ولاية اللجنة في "التحقيق بالجرائم والانتهاكات وتحديد المسؤوليات الفردية وضمان عدم الإفلات من العقاب".
وأكد رئيس اللجنة "طلب تمديد فترة عملها لمدة شهرين إضافيين لعدم تمكنها من دخول مدينة السويداء وبعض المناطق خلال الفترة الماضية"، مشدداً على أن "التمديد ضروري لإعداد تقرير شامل ينصف جميع الأطراف ويستند إلى أدلة مكتملة سيتم شرحها عند إعلان النتائج".
وأشار النعسان إلى أن "اللجنة تعمل باستقلالية تامة رغم تشكيلها بقرار من وزارة العدل، وأن صلاحياتها غير محدودة بسقف، على أن تُحال الملفات بعد انتهاء التحقيق إلى القضاء لمحاسبة كل من يثبت تورطه دون استثناء".
ولفت إلى اعتماد فريق تقني لتحليل المقاطع المتداولة على مواقع التواصل، واستدعاء أطباء شرعيين والاطلاع على تقاريرهم، بالإضافة إلى جمع شهادات واسعة من الأهالي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كما تم "توثيق إفادات الضحايا والمهجرين وشهود العيان، والتحقيق ميدانياً في مواقع الاعتداءات وتجمعات النازحين في درعا وريف السويداء وأرياف دمشق وإدلب".
وكشفت التحقيقات عن "انضمام مقاتلين أجانب بشكل فردي وعشوائي إلى العناصر التي دخلت السويداء"، مؤكدة "عدم وجود تشكيلات عسكرية منظمة تتبع الجيش السوري". وأوضحت اللجنة أنها "طلبت توقيف عدد من عناصر الجيش والأمن الذين ثبتت مسؤوليتهم عن الانتهاكات"، مشيرة إلى أن "الدولة السورية أوقفت العديد من العناصر، بخلاف النظام السابق الذي ارتكب جرائم دون محاسبة".
وأكد النعسان أن "السماح بدخول لجنة التحقيق الدولية إلى سوريا يعكس جدية الدولة في مسار المحاسبة"، موضحاً أن "اللجنة الدولية ستكون مكملة لعمل اللجنة الوطنية في قضية السويداء".
وأوضح رئيس اللجنة أن "منهجية العمل ترتكز على الاستقلالية والحياد والسرية وحماية الشهود والضحايا، وبناء الثقة مع المتضررين، ومعالجة خطاب الكراهية عبر المحاسبة والتوعية القانونية". وأضاف أن "اللجنة تعمل على مدار الساعة لتحديث قوائم الضحايا والمفقودين،" مؤكداً أن "التواصل مع اللجنة يصب في مصلحة المتضررين لضمان حقوقهم وتعويضهم".
واختتم النعسان مؤكداً أن "التحقيقات لا تزال مستمرة، وأن اللجنة ستعلن نتائجها مصحوبة بالأدلة القانونية والتقنية، على أن تُنشر لاحقاً قائمة بأسماء جميع المتهمين بارتكاب الانتهاكات وإحالتهم إلى القضاء المختص".
من جهته، صرح المتحدث باسم لجنة التحقيق، عمارعز الدين، بأن "اللجنة جمعت الأدلة وحفظتها بطريقة تضمن سلامتها لتقديمها إلى القضاء".
وأوضح أن "المحققين استمعوا لإفادات الأطباء الشرعيين الذين عاينوا جثث القتلى، إضافة إلى شهادات عدد من العسكريين الذين شاركوا في تأمين مدينة السويداء أثناء الأحداث".
وأمس السبت، تجدّدت الاشتباكات العنيفة في ريف السويداء، جنوب سوريا، وسط اتهامات متبادلة بين قوات الأمن السورية ومجموعات مسلحة محلية بخرق وقف إطلاق النار.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن "بعض مواقع قوى الأمن الداخلي في بلدة ولغا، بريف المحافظة الغربي، تعرضت لاستهداف من قبل مجموعات مسلحة".
وكانت المحافظة شهدت ليلة متوترة الجمعة، مع اشتباكات استمرت لساعات بين قوات الأمن الداخلي من جهة، وقوات "الحرس الوطني" المحلية من جهة أخرى، ما أدى إلى تسجيل إصابات قبل أن يعمّ هدوء حذر مع ساعات الفجر.
ولم يصدر أي تعليق من قوات الأمن السورية، في وقت تتواصل فيه المفاوضات المحلية والإقليمية للحفاظ على وقف إطلاق النار واستقرار الأوضاع في ريف السويداء.
وشهدت المحافظة بدءا من 13 تموز/يوليو وطوال أسبوع اشتباكات بين مسلحين من الدروز وآخرين من البدو، تحوّلت مواجهات دامية بعد تدخل القوات الحكومية ثم مسلحين من العشائر.
وأسفرت المواجهات عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين والعسكريين، كما أظهرت تقارير وقوع انتهاكات شملت حالات إعدام ميدانية ونزوح آلاف السكان داخليًا.