في ظل الواقع الإنساني القاتم الذي يعيشه سكان غزة، تتصاعد التحذيرات الدولية من تداعيات استمرار القيود المفروضة على دخول المساعدات، وسط مخاوف من تفاقم الجوع وانهيار الخدمات الأساسية في القطاع.
وتؤكد نائبة المفوض العام في وكالة الأونروا، ناتالي بوكلي، أنّ إسرائيل تنتهك القانون الدولي عبر استمرارها في تقييد تدفّق المساعدات إلى غزة، مشددة على أنّ ما يدخل القطاع لا يتجاوز نصف الكمية اليومية المطلوبة، أي بين 500 و600 شاحنة.
وتشير إلى أنّ لدى الأونروا مخزونًا يكفي لتحميل ما يصل إلى ستة آلاف شاحنة من الغذاء والخيام والمواد الأساسية، قائلة إن هذه الإمدادات التي تكفي السكان لمدة ثلاثة أشهر موجودة في الأردن ومصر، لكنها لم تصل إلى غزة بسبب العراقيل الإسرائيلية. وتضيف أنّ وكالات أممية أخرى تواجه المشكلة نفسها.
وتقول بوكلي إنّ العالم كله، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مطالب بزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لضمان دخول المساعدات من دون قيود.
وتلفت إلى أنّ هذه القيود تمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي وللقانون الإنساني، معتبرة أنّ إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تتحمل مسؤولية الالتزام باتفاقية جنيف الرابعة وبالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي شدّد على ضرورة توفير "المستلزمات الأساسية للحياة" للسكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشير إلى أنّ قرار المحكمة الصادر في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، أكد عدم وجود دلائل على انحياز الأونروا أو على انخراط عدد كبير من موظفيها في حركة حماس، وهو ما يناقض الاتهامات التي تروّج لها حكومة بنيامين نتنياهو.
وتضيف بوكلي أنّها لم تتلقّ أي مؤشر على تغيّر سياسة "عدم التواصل" التي تعتمدها إسرائيل مع الأونروا.
الأطفال في غزة يواجهون فقدًا وجوعًا
تتطرّق بوكلي إلى جهود الأونروا في غزة، موضحة أنّ الوكالة توفر بضع ساعات من التعليم يوميًا ودعمًا نفسيًا لنحو 40 ألف طفل داخل 280 مساحة تعليم مؤقتة داخل مراكز الإيواء. وتلفت إلى أنّ هذا العمل يتعطل بسبب منع إدخال الأقلام والدفاتر ضمن القيود الإسرائيلية على الواردات.
وتشير إلى أنّ الأطفال عاشوا عامين من الصدمات لتي تتجاوز قدرة العقل البشري على تحملها، شملت النزوح المتكرر القسري، وفقدان أفراد من عائلاتهم، والجوع، والقصف المستمر، والدمار الواسع.
وتستشهد بإحصاءات وزارة الصحة في غزة التي تعتمدها اليونيسف، والتي تشير إلى فقدان 2,596 طفلًا لوالديهم معًا حتى مطلع أيلول، فيما فقد 53,724 طفلًا أحد الوالدين، بينهم 47,804 فقدوا آباءهم و5,920 فقدوا أمهاتهم.
وتختتم بوكلي بالقول: "أيتام غزة لن يكون لديهم ما يخسرونه ما لم يروا مستقبلًا أمامهم". وتضيف: "ما لم نقدّم لهؤلاء الأطفال شيئًا يفتح أمامهم باب الأمل، لا يمكن استبعاد احتمال وقوع هجمات جديدة أو ظهور مجموعات مسلحة أو ما هو أسوأ".