يركز جوهر "عقيدة دونرو" على مكافأة الحكومات التي تساير واشنطن ومعاقبة تلك التي تتحداها، مستندة إلى مزيج من القوة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، بهدف ترسيخ الهيمنة الأميركية في "الجوار" لمواجهة التمدد الصيني في المنطقة.
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحليلاً لمستقبل السياسة الأميركية في نصف الكرة الغربي تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، معتبرة أن واشنطن شهدت تحولات جذرية في استراتيجيتها تجاه أميركا الجنوبية، معتمدة نهجًا صارمًا يقوم على المعاملة بالمثل وفرض السيطرة، في ما وصفه محللون بـ"عقيدة دونرو".
وتشير الصحيفة إلى أن هذا التوجه يمثل قطيعة واضحة مع العقود السابقة من الانخراط الأميركي التقليدي في المنطقة، إذ لم يعد الهدف تعزيز الديمقراطية أو دعم التنمية، بل فرض الهيمنة والمكاسب الجيوسياسية.
ويبرز التحليل أن هذا الأسلوب أدى إلى إعادة رسم واسعة لتحالفات القوى والخيارات السياسية في أنحاء القارتين.
ومع بداية العام، أثارت تصريحات ترامب حول الاستيلاء على قناة بنما، والسيطرة على غرينلاند، وإعادة تسمية خليج المكسيك، موجة من الجدل السياسي والدبلوماسي. وتصاعدت لاحقًا تهديداته بعمليات عسكرية مثيرة للجدل ضد قوارب في المنطقة، مع نشر أكبر حاملة طائرات في العالم قرب السواحل الفنزويلية، في رسالة قوة واضحة.
وفي الجانب الاقتصادي، فرض ترامب تعريفات جمركية صارمة، وشن عقوبات تستهدف قادة يساريين، مع تقديم مساعدات مالية ضخمة لدعم حلفائه، مثل الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي الذي حصل على حزمة إنقاذ بقيمة 20 مليار دولار ساعدت في إنقاذ حكومته وتعزيز مكاسبه الانتخابية.
كما حصلت دول مثل الإكوادور وغواتيمالا وبنما على مزايا سياسية وتجارية مقابل تعاونها مع واشنطن.
أما الحكومات اليسارية في فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا، فقد واجهت حملة ضغط غير مسبوقة، تضمنت عرض مكافأة مالية للقبض على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتهديدات بفرض تعريفات جمركية مرتفعة على نيكاراغوا، إلى جانب استهداف كولومبيا بسبب انتقاد رئيسها للضربات البحرية الأميركية.
ويشير التحليل إلى أن هذه السياسة أسفرت عن صعود قوى يمينية موالية لترامب في بوليفيا وتشيلي وبيرو، بينما لم تنجح مع كل الأطراف، فالمكسيك وكندا حافظتا على خطوطهما الحمراء، والبرازيل رفضت الضغوط الأميركية لوقف محاكمة الرئيس السابق بولسونارو، ما رفع شعبية الرئيس لولا دا سيلفا، قبل أن يلتقيه ترامب لاحقًا ضمن مفاوضات لإنهاء الرسوم الجمركية الأميركية على برازيليا.
ويركز جوهر "عقيدة دونرو" على مكافأة الحكومات التي تساير واشنطن ومعاقبة تلك التي تتحداها، مستندة إلى مزيج من القوة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، بهدف ترسيخ الهيمنة الأميركية في "الجوار" لمواجهة التمدد الصيني في المنطقة، وفقًا لمراسل الصحيفة لشؤون أميركا الجنوبية جاك نيكاس.