حذّر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، من تفاقم الأزمة الإنسانية في شمال دارفور، حيث نزح أكثر من 100 ألف مدني من مدينة الفاشر ومحيطها منذ سيطرة قوات الدعم السريع عليها في 26 أكتوبر.
رحّبت قوات الدعم السريع، الجمعة، بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته العمل على إنهاء الحرب في السودان، في وقت تشهد فيه مناطق دارفور وكردفان تصعيداً عسكرياً واسعاً وتدهوراً حاداً في الأوضاع الإنسانية.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان نُشر عبر منصة تلغرام إنها سترد بشكل "كامل وجاد" على مبادرات الوساطة الدولية، مُعلنةً "الشكر الجزيل لفخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ولبقية قادة دول الرباعية على جهودهم المقدّرة".
ويأتي البيان رداً على إعلان ترامب، الأربعاء، عزمه إنهاء "الفظائع" الجارية في السودان منذ أبريل 2023، بناءً على طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وفي اليوم نفسه، أعرب مجلس السيادة السوداني، برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، عن استعداده للتعاون مع واشنطن والرياض.
اتهامات متبادلة وعوائق سياسية
وقالت قوات الدعم السريع إن استمرار الحرب يعود إلى "العصابة المتحكمة في قرار القوات المسلحة من فلول النظام البائد وقيادات الإخوان المسلمين"، في خطابٍ يكرره قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وكان دقلو قد تعاون مع البرهان عام 2021 للإطاحة بالشركاء المدنيين من السلطة، قبل أن ينقلب الطرفان على بعضهما في أبريل 2023، مما أشعل حرباً أودت بحياة عشرات الآلاف ودفعت ملايين السكان للنزوح داخلياً وخارجياً.
تعثّر المفاوضات وتصاعد الهجمات
وفشلت محادثات السلام بين الجانبين في إحراز تقدم منذ شهور. واقترحت مجموعة الرباعية ــ المؤلفة من الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات ــ في سبتمبر خطة تشمل هدنةً مدتها ثلاثة أشهر، واستبعاد الحكومة الحالية وقوات الدعم السريع من المشهد السياسي لما بعد النزاع، وهو بند لا يزال الجيش يرفضه.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثّفت قوات الدعم السريع ــ التي تسيطر على نحو ثلث مساحة السودان ــ هجماتها في إقليم كردفان الغني بالنفط، المجاور لدارفور.
كما أعلنت عن "التحرير الوشيك" لمدينة بابنوسة، إحدى آخر المراكز التي يسيطر عليها الجيش في ولاية غرب كردفان، والتي تمثّل محوراً استراتيجياً يربط غرب البلاد بالعاصمة الخرطوم.
أوضاع إنسانية متردية
وحذّر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، من تفاقم الأزمة الإنسانية في شمال دارفور، حيث نزح أكثر من 100 ألف مدني من مدينة الفاشر ومحيطها منذ سيطرة قوات الدعم السريع عليها في 26 أكتوبر.
وأشار دوجاريك إلى أن النازحين وصلوا إلى مناطق تعاني أصلاً من نقص حاد في الموارد، مشيراً إلى أن العديد من الأسر لا تزال مفقودة. كما أدّى التصعيد في كردفان إلى نزوح نحو 40 ألف شخص منذ أواخر أكتوبر.
ووصلت إلى مدينة بورتسودان، التي تتخذها الحكومة مقراً مؤقتاً، شحنة إغاثة طبية بلغت 40 طناً، وصفتها منظمة "أنقذوا الأطفال" بأنها الأكبر منذ مارس.
عقوبات أوروبية جديدة
وأعلن الاتحاد الأوروبي، الخميس، فرض عقوبات على عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع، بتهمة ارتكاب انتهاكات جسيمة.
وحثّ الاتحاد جميع الأطراف الخارجية على الالتزام الكامل بحظر الأسلحة المفروض من مجلس الأمن، ووقف أي توريد للأسلحة إلى أي طرف في الصراع. كما دعا إلى توسيع نطاق الحظر ليشمل كامل الأراضي السودانية، وتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل جميع الجرائم المرتكبة.
وطالب الاتحاد جميع أطراف النزاع باستئناف المفاوضات فوراً، بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، مؤكداً التزامه بالعمل مع الرباعية وشركاء دوليين، بما في ذلك رئاسة مؤتمري باريس ولندن، لإيجاد حل سياسي وحماية المدنيين.