ما السيناريوهات المتاحة أمام حزب الله للرد على إسرائيل بعد اغتيال هيثم الطبطبائي؟
من المؤكد أن اغتيال إسرائيل لهيثم الطبطبائي، قائد أركان حزب الله، الذي خلف فؤاد شكر، والرجل الثاني في التنظيم بعد أمينه العام نعيم قاسم، يشكل ضربة واضحة للحزب، لكنه على ما يبدو ليس الجهة الوحيدة المعنيّة بها.
فبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست"، فإن الغارات التي استهدفت القيادي البارز في الضاحية الجنوبية لبيروت، رسالة لا تخص الحزب وحده، بل أيضًا حماس وإيران.
حرب بين الحروب
يقول التقرير إن تل أبيب تريد تثبيت واقع جديد مع خصومها، يمكن تسميته "حرب بين الحروب"، فهي رغم توقيعها على اتفاقيات وقف إطلاق النار في الجبهات الثلاث: غزة ولبنان وإيران، إلا أنها في ذات الوقت تريد أن تؤكد على أنها تمتلك حرية العمل على جميع المحاور، وما ضربة يوم الأحد سوى تأكيد للأطراف على أنها "قادرة على فعل ما تشاء وقت ما تشاء".
رغم ذلك، تلفت الصحيفة إلى أن أسلوب الدولة العبرية قد يكون مهددًا إذا ما قرر "الأعداء" الرد على ضرباتها والانسحاب بدورهم من اتفاق الهدنة، وهو ما يمكن أن يعرّض الجيش الإسرائيلي للضغط، خاصة وأن جنوده الاحتياط باتوا منهكين بعد القتال على أكثر من جبهة طيلة عامين، بالإضافة إلى وجود 50 ألف حريدي رافضين للخدمة العسكرية.
وتضيف "جيروزاليم بوست" أن الخوف من تعرض الجيش للاستنزاف هو ما دفع رؤساء الحكومات السابقين إلى شن حروب قصيرة الأمد في العقود الماضية، لكنها تلفت في الوقت نفسه إلى أن التهديدات تزايدت عن الماضي.
وتتابع أن إسرائيل قد تفرض سياسة "قص العشب"، أي "منع التهديدات" والحفاظ على القدرة على تنفيذ "ضربات وقائية"، في بيروت كما تفعل في الضفة الغربية، لكنها تعتبر أن هذا الواقع منوط بكيفية رد الحزب، والحكومة اللبنانية، وواشنطن أيضًا.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرّح يوم الأحد قبل الضربة في بيروت: "سنواصل القيام بكل ما هو ضروري لمنع حزب الله من إعادة بناء قدراته التهديدية ضدنا. هذا ما نقوم به أيضًا في غزة – فحماس تواصل انتهاك وقف إطلاق النار، ونحن نتصرف وفقًا لذلك، وباستقلالية عن أي جهة".
وبعد الضربة، خرج زعيم حزب الليكود برسالة مصورة لجمهوره، يشرح فيها عن أهمية الاغتيال، ويشير في ذات الوقت إلى أنه "يتوقع من الحكومة اللبنانية أن تنفّذ التزامها بتجريد حزب الله من سلاحه."
حزب الله وحسابات التكلفة
في المقابل، يحافظ حزب الله على الغموض، ويعتبر مراقبون أنه قد يستمر في قرار عدم الرد، ما دام يرى أن التكلفة أو "فاتورة إعادة الترميم" لا تزال مقبولة، لكن ضربة يوم الأحد، غير المسبوقة منذ اتفاق نوفمبر، لا تشبه أيًا من الضربات السابقة التي يتعرض لها بشكل شبه يومي، نظرًا لرمزية المستهدف ومكان الاستهداف والسياق الذي جرى فيه الاغتيال، الذي لا يمكن قراءته بمعزل عن: توسّع إسرائيل في سيطرتها على الأراضي جنوبًا، مواصلة الضغط على الحكومة اللبنانية لنزع سلاح الحزب، وظهور انفتاح جزئي من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء للتفاوض مع إسرائيل، والأهم وجود رغبة أمريكية-إسرائيلية-خليجية لإنهاء "تهديد" الحزب بشكل كامل وتحويله إلى حزب سياسي، وهو ما يعني انهيار "فكرة حزب الله" كما عرفها الناس.
فما هي السيناريوهات التي قد يلجأ إليها؟
1- عدم الرد نهائيًا
قد يكون المسار الأكثر ترجيحًا بسبب سكوت الحزب طيلة الفترة الماضية. مع ذلك، فإن عدم الرد قد يسمح لإسرائيل بالذهاب نحو ما هو أبعد ومواصلة التصعيد وفرض شروط جديدة.
فبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الجيش الإسرائيلي نفّذ 1200 عملية اقتحام في قرى جنوب لبنان وعلى بعد أكثر من 5 كيلومترات منذ انتهاء الحرب.
2- الرد على إسرائيل بضربة وازنة في العمق
قد يعتبر هذا الاحتمال ضعيفًا بعد الضربات الكبيرة التي تعرض لها، كما أن اغتيال الطبطبائي يمكن أن يدفعه لإعادة النظر في تقييمه للتعافي في الملف الأمني، ذلك لأن الضربة تعني أنه لا يزال "مخترقًا". مع ذلك، لا يمكن الجزم بأن السيناريو غير وارد تمامًا، في ظل عدم إفصاح التنظيم عن قدراته.
3- الرد عبر استهداف المواقع الإسرائيلية في جنوب لبنان
يمكن لخطوة كهذه أن تعطي الحزب نوعًا من "الشرعية"، إذ سيسعى للقول إن ضرباته تهدف "إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان"، خاصة وأن هذا مطلب لبناني جامع، وأن إسرائيل كانت ملزمة به منذ البداية بحسب قرار مجلس الأمن 1701.
"وضع حد" لإسرائيل
ومع أن قاسم كان قد لوّح في مطلع هذا الشهر بـ"وضع حد لإسرائيل" وعبر عن خيبة أمله من سعي الحكومة لنزع السلاح، فإنه لا يزال غير واضح ما إذا كان سيصدر عن القيادة قرار بإعادة فتح الجبهة، خاصة وأن لبنان لا يزال منهكًا اجتماعيًا واقتصاديًا من تبعات معركة أيلول.
كما لا يزال غير معروف ما إذا كانت الحكومة ستحتضن الحزب إذا ما قرر الرد، فعلى الرغم من أن الجيش اللبناني اتخذ لهجة أكثر تصعيدًا تجاه إسرائيل، إلا أن رئيس الجمهورية جوزاف عون ونواف سلام لا يزالان يشيران إلى تمسكهما بالمسار الدبلوماسي.