على الرغم من مرور سنة على اتفاق وقف إطلاق النار، لا يزال لبنان يعيش على إيقاع الغارات الإسرائيلية شبه اليومية والخرق المتواصل للهدنة.
نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي، يوم الخميس، هجمات جوية مكثفة استهدفت مرتفعات الجرمق والمحمودية وإقليم التفاح في جنوب لبنان، وهي مناطق دأبت إسرائيل على قصفها رغم وقف إطلاق النار.
وزعمت الدولة العبرية استهداف ما وصفته بمواقع لإطلاق الصواريخ ومستودعات أسلحة ومواقع عسكرية تابعة لحزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه "ضرب وفكّك بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله في عدة مناطق جنوب لبنان"، مدّعيًا استهداف "منصات إطلاق كانت تُخزّن فيها أسلحة" إلى جانب "مواقع عسكرية" يستخدمها الحزب.
وللمفارقة، تزامنت الغارات مع مرور الذكرى السنوية للاتفاق الذي أُبرم في نوفمبر 2024 بوساطة أمريكية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أنّ قواته "وفي إطار تطبيق الاتفاق" نفّذت خلال العام الأخير أكثر من 1,200 عملية مركّزة وقضت على ما يفوق 370 مقاتلًا من حزب الله وحماس وفصائل فلسطينية أخرى، في إشارة مباشرة إلى استمرار العمليات رغم أن الاتفاق نص على وقف إطلاق النار.
ونقل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة "إكس" أن الفرقة 91 نفّذت عشرات العمليات الاستباقية لتدمير "بنى تحتية إرهابية" وإحباط محاولات جمع المعلومات عن قواتها، مشيرًا إلى رصد "عشرات المباني العسكرية" ومخازن الأسلحة ومنصات الصواريخ ونقاط الرصد والرماية.
وفيما تتصاعد الهواجس من انزلاق البلاد إلى حرب أوسع، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس من حرب جديدة على لبنان إذا لم يسلّم حزب الله سلاحه قبل نهاية عام 2025، قائلًا إن الولايات المتحدة "ألزمت" الحزب بتنفيذ ذلك، وإن عدم الامتثال سيقود إلى "عمل عسكري حاسم".
مواقف متباينة حول السلاح
أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن لبنان يواجه "حرب استنزاف من طرف واحد"، معتبرًا أن ثمة مؤشرات على استعادة الثقة رغم التصعيد. وأوضح أن الحكومة وضعت مراحل حصر السلاح، بدءًا من جنوب الليطاني عبر إزالة السلاح والبنى العسكرية، ثم مرحلة "احتواء السلاح" شمال الليطاني قبل الانتقال إلى مراحل لاحقة. وانتقد سلام سلاح حزب الله، معتبرًا أنه لم يحقق الردع ولا منع الاعتداءات، وأن لبنان "متأخر" في بسط سلطة الدولة وفق اتفاق الطائف.
في المقابل، شددت كتلة "الوفاء للمقاومة" على حق لبنان في اتخاذ ما يلزم لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، محملة المجتمع الدولي مسؤولية عدم إدانته للانتهاكات. وأكدت أن عامًا مرّ على وقف إطلاق النار من دون التزام إسرائيلي، مع استمرار استهداف المدنيين والجيش واليونيفيل.
تصاعد الخروق الإسرائيلية
رغم الاتفاق، تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات شبه يومية، وترفض الانسحاب من خمس تلال استراتيجية لا تزال تحتلها في الجنوب، رغم وجوب تسليمها خلال 60 يومًا من بدء سريان الاتفاق. وتشير اليونيفيل إلى أن إسرائيل شيدت جدارًا جديدًا يتجاوز الخط الأزرق ويعزل نحو 4,000 متر مربع من الأراضي اللبنانية.
وبحسب مسؤولين لبنانيين، بقي الاتفاق "حبرًا على ورق" من الجانب الإسرائيلي، مع تسجيل أكثر من عشرة آلاف خرق شملت غارات جوية وقصفًا مدفعيًا وتوغلات وعمليات اغتيال. ووثّقت اليونيفيل أكثر من 7,500 خرق جوي ونحو 2,500 خرق بري، فيما تحدثت اليونيسف عن مقتل أكثر من 13 طفلًا وإصابة 146 آخرين منذ وقف إطلاق النار.
وقد أفادت مصادر وزارة الصحة اللبنانية لـ"يورونيوز" بأن عدد القتلى خلال العام بلغ أكثر من 340 قتيلًا و1,300 جريحًا. كما لا يزال أكثر من 64,417 شخصًا نازحين داخليًا، معظمهم من بنت جبيل ومرجعيون وصور، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
وتسببت الهجمات الإسرائيلية بتدمير منازل ومدارس وبنى تحتية عامة، فضلًا عن استهداف آليات إعادة الإعمار، في ما اعتُبر محاولة لتعطيل جهود إعادة البناء وتقويض تعافي لبنان.