وسط تنامٍ لعمليات التوغّل والاستطلاع الإسرائيلية في سوريا، كشف تقرير جديد لصحيفة "جيروزاليم بوست" عن طبيعة المهمات السرّية التي تنفّذها المجنّدات الإسرائيليات في وحدة الاستخبارات الميدانية داخل العمق السوري.
رافقت الصحيفة مجموعة من مجنّدات الاستخبارات الميدانية اللواتي يتجسسن على جهات تصفها الدولة العبرية بـ"المعادية" داخل سوريا، وشملت الجولة زيارة إلى الموقع 720 عند النقطة الحدودية التي تلتقي فيها إسرائيل وسوريا والأردن.
وقد أجرت الصحيفة مقابلات مع قائد الكتيبة 595 المقدم "ج"، وضابطة العمليات الرائد "م"، إضافة إلى الجنديات "س" و"د" و"ف" المتخصصات في جمع المعلومات الاستخبارية بواسطة الطائرات من دون طيار، لتقديم صورة معمقة عن طبيعة التسلل عبر الحدود ومتابعة التحركات داخل سوريا.
ذكرت "جيروزاليم بوست" أن المجنّدات الثلاث يستخدمن طائرة مسيّرة تكتيكية من مسافة قريبة لرصد ما تبثه مباشرة، فيما تشير "م" إلى أن نطاق استخدام المسيّرات داخل الجيش الإسرائيلي تضاعف بشكل كبير منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، حتى بات لكل قائد فصيلة تقريبًا، وأحيانًا لبعض الجنود، طائرة خاصة لجمع معلومات متقدّمة.
ووفق المقدم "ج"، فإن تحديد الارتفاع المثالي للطائرة داخل سوريا يُعدّ أحد أهم العناصر التقنية، فالطيران المنخفض يمنح دقة أعلى وجودة أوضح للصورة، لكن الارتفاع المنخفض قد يفضح العملية، ما يلغي الغرض من جمع المعلومات السرية.
وتنقل الصحيفة أيضًا أن "س" تحدثت عن عملية توغل عدة كيلومترات خلف المنطقة العازلة لتقديم إرشاد ميداني لوحدة المظليين 890. وفي عملية أخرى، قامت المجنّدات بدراسة تحركات أربعة أشخاص أشارت إلى أنهم يعملون لصالح إيران أو على ارتباط بوكلاء إيرانيين، وكان عليهن تحليل تحركات كل فرد ومواعيده وعاداته.
أما الجندية "د" فأوضحت أن معظم العمل يجري ليلًا لتجنب الرصد وتقليل احتمال الاحتكاك بـ"عناصر معادية"، وأن الفريق يراقب حركة كل شخص يدخل أو يغادر المبنى المكلّفين بمراقبته.
السياق الميداني داخل سوريا
فجر اليوم الجمعة، سقط نحو عشرة قتلى وأصيب عدد من المدنيين السوريين جراء قصف نفذته طائرات مروحية إسرائيلية على بلدة بيت جن في ريف دمشق، بعد توغل دورية عسكرية إسرائيلية داخل البلدة، وذلك بعد اشتباكات بين الأهالي والدورية التي اعتقلت ثلاثة شبان قبل انسحابها وتمركزها على تلة باط الوردة عند أطراف البلدة.
ومنذ سقوط نظام بشّار الأسد في الثامن من كانون الأول/يناير 2024، توغّلت القوات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة مستفيدة من الفوضى التي حصلت، ثمّ تتابعت الغارات الجوية بوتيرة غير مسبوقة.
ومع مرور الأسابيع تحوّل التوغّل المحدود إلى حضور منهجي امتد نحو ريف دمشق الغربي، وصولًا إلى تنفيذ إنزال جوي في يعفور على بُعد عشرة كيلومترات فقط من دمشق، فضلًا عن ضربات عسكرية نفذتها وسط اشتباكات بين مجموعات محلية وقوات تابعة للسلطة الحالية بذريعة "حماية الدروز".
وتُعزّز الخطوات التي تتخذها الدولة العبرية الانطباع بأن إسرائيل تستفيد من المواجهات الطائفية التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد لإعادة رسم قواعد الاشتباك والانتشار داخل سوريا، ضمن مسار عسكري يبدو أنه يتجاوز الحدود التقليدية ويؤسس لمرحلة جديدة في الجنوب السوري.