يضع الجيش الألماني الأربعاء نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي Arrow 3 قيد التشغيل لأول مرة. وقد صُمّمت هذه المنظومة لاعتراض الصواريخ الباليستية في الفضاء، وهي بالتالي تهدف إلى سدّ ثغرة طويلة الأمد في الدفاع الجوي الأوروبي.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء إن موسكو"مستعدة الآن" إذا أرادت أوروبا خوض حرب مع روسيا. أثناء حضوره منتدى استثماريا في موسكو، رأى سيد الكرملين أن أوروبا ليس لديها "أجندة للسلام" واتهمها بأنها "تقف إلى جانب الحرب" بسبب دعمها لأوكرانيا.
الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا أجبر ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى خلال السنوات الأخيرة على زيادة الاستثمار في مجال التسلح والدفاع. إذ وصلت برلين إلى قناعة مفادها أنه يجب تحديث الجيش الألماني من حيث العدة والعتاد والمعدات في أسرع وقت ممكن.
على مدى عقود، لم يكن لدى ألمانيا أي نظام دفاعي تواجه به الصواريخ الباليستية، وهي واحدة من أخطر أنواع الأسلحة في الحروب الحديثة. فمنذ فبراير 2022، وبشكل شبه يومي، تهاجم روسيا أوكرانيا بهذه الصواريخ ذات المدى والارتفاع الذي قد يصل إلى 100 كيلومتر، كما أنها سريعة للغاية. وتستخدم أنظمة باتريوت الأمريكية على وجه الخصوص هناك لأغراض دفاعية.
تمتلك روسيا صواريخ يمكنها الوصول إلى ارتفاعات تزيد عن 100 كيلومتر، وهي تعمل بالتالي في مناطق لم تتمكن أي منظومة دفاعية ألمانية من العمل فيها حتى الآن. لذلك فإن تحليلات الناتو تتحدث منذ سنوات عن "فجوة استراتيجية" في الدرع الدفاعي لأوروبا.
السهم 3 للقوات الجوية
من أجل سد هذه الفجوة، اشترت برلين منظومة آرو 3 الإسرائيلية لتعزيز قدرات القوات الجوية الألمانية. وسيتم تشغيل المكوّنات الأولى هذا الأربعاء. وهذا يجعل ألمانيا أول دولة خارج إسرائيل تستخدم هذه التكنولوجيا.
على الرغم من أن خطر التعرض لهجوم صاروخي على ألمانيا يعتبر منخفضاً، إلا أن الوضع الجيوسياسي غيّر الأولويات على مدى السنوات الثلاث الماضية. إذ لم تعد برلين ترغب في الاعتماد على نظاميْ باتريوت الأمريكي وIRIS-T الألماني باعتبارهما كافييْن في حالات الطوارئ.
لذلك تغطي منظومة "آرو 3" مسافات وارتفاعات كانت في السابق بعيدة المنال. يقول مسؤولون في الجيش الألماني: "تم تطوير نظام Arrow خصيصًا لاعتراض الصواريخ الباليستية الأطول مدى - مثل تلك التي يمكنها أن تحمل رؤوسًا نووية أو كيميائية أو بيولوجية". وبذلك يسد النظام الفجوة بين الدفاع الجوي والدفاع الجوي الخارجي.
لا يتم تدمير الصواريخ التي تقترب من الغلاف الجوي عن طريق الشحنات المتفجرة، ولكن عن طريق الاصطدام المباشر. وتهدف هذه الطريقة المسماة "الضربة القاتلة" إلى ضرب الرأس الحربي وهو لا يزال في الفضاء وبالتالي منع سقوط الحطام الكبير فوق المناطق المأهولة بالسكان. وقد أصبح هذا الأمر ممكناً بفضل نظام تحكم عالي الدقة: حيث يصحّح الرأس الحربي مساره بشكل مستقل أثناء الاقتراب باستخدام أجهزة الاستشعار الخاصة به.
تتمركز أولى وحدات منظومة آرو 3 في قاعدة هولزدورف الجوية جنوب برلين. ومن المقرّر نشر المزيد من الوحدات في بافاريا وشليسفيغ هولشتاين. ومن المتوقع ألا تصل القدرة التشغيلية الكاملة إلى ذروتها قبل عام 2030 على أقرب تقدير. وحتى ذلك الحين، تجري القوات الجوية الألمانية تدريبات على الإجراءات وأخرى تخصّ الأفراد وتربط النظام الجديد لآرو 3 بأنظمة الدفاع الجوي لحلف الناتو.
تبلغ قيمة العقد مع إسرائيل حوالي 3.3 مليار يورو، مما يجعلها أكبر صفقة دفاعية في تاريخ البلدين. ويشمل العقد، بالإضافة إلى تسليم الأنظمة، مهمة الصيانة والدعم طويل الأمد.
ألمانيا كمحور
فيما يتعلق الشق الدفاعي لحلف الأطلسي، فإن ألمانيا تعتبر مركزاً لوجستياً للناتو، إذ يتعين على جميع "التعزيزات" تقريبًا المرور عبرها نظرًا لموقع البلاد الجغرافي، كما هو منصوص عليه في الخطة العملياتية لبرلين (OPLAN DEU). وتتضمن الخطة نقل ما يصل إلى 800 ألف جندي من قوات الناتو عبر الأراضي الألمانية.
لذا، فإن الحماية الفعالة من الهجمات الصاروخية ليست مجرد إجراء احترازي وطني، بل هي حماية للبنية التحتية الأوروبية.
إن خطة OPLAN DEU هي الخطة العسكرية للدفاع عن ألمانيا، حيث يتم فيها تنسيق المهام المركزية للدفاع الوطني ودفاع التحالف وجمعها مع المجالات والمسؤوليات المدنية الضرورية.
تهدف الخطة إلى ضمان سرعة اتخاذ القرارات السياسية في حال حدوث أزمة أو نزاع، بما يتوافق مع الدستور الألماني وبطريقة منسّقة بحيث يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة.