قال وزير الدفاع بوريس بيستوريوس إن الهدف من الاستثمارات العسكرية "واضح"، ويتمثّل في "ضمان أمن فعلي لألمانيا واستعادة قدراتنا الرادعة والدفاعية بشكل كامل".
وافق البرلمان الألماني (البوندستاغ) الأربعاء على حزمة إنفاق عسكرية بقيمة 50 مليار يورو (59 مليار دولار)، في خطوة تهدف إلى تسريع تجهيز القوات المسلحة "لمواجهة التهديد المتزايد من روسيا"، وفق ما أعلنته وزارة الدفاع.
بموجب القرار، ارتفع إجمالي مشاريع شراء الأسلحة المقرّة للجيش الألماني حتى عام 2025 إلى نحو 83 مليار يورو، وهو رقم قياسي وصفته الوزارة بأنه "رسالة قوية" إلى حلف شمال الأطلسي وشركائه.
وشددت على أن ألمانيا "تمضي قدماً، وتوفي بالتزاماتها داخل الحلف على نحو موثوق، وتحمل مسؤوليتها عن الأمن والسلام في أوروبا"، مشيرة إلى أن هذا يمثل الارتفاع الثالث على التوالي في ميزانية التسليح منذ عام 2023.
خطط شراء شاملة تغطي جميع فروع القوات المسلحة
قال وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، عقب اجتماع لجنة الدفاع البرلمانية، إن الغرض من الاستثمارات العسكرية "واضح"، وهو "ضمان الأمن الفعلي لألمانيا واستعادة قدراتنا الرادعة والدفاعية بالكامل".
وتشمل مشاريع الشراء المُعتمدة مكونات من الجيش والقوات الجوية والبحرية، إضافة إلى القدرات الفضائية والسيبرانية، وتتراوح بين معدات فردية مثل البزات العسكرية والذخيرة، وصولاً إلى مركبات قتال واستطلاع متطورة.
ومن بين أبرز البنود، طلبيات لأنظمة دفاع جوي أميركية الصنع من نوع "باتريوت"، وأخرى أوروبية من طراز "آيريس-تي SLM"، إضافة إلى دفعة جديدة من مدرّعات المشاة "بوما".
كما تشمل الخطة شراء ما يصل إلى 876 عربة مدرعة بعجلات من طراز 6×6 من الشركة الفنلندية "باتريا" بعدة نسخ، و500 مدفع هاوتزر متحرك من نوع RCH155 ينتجه مشروع مشترك بين شركتي "راينميتال" و"KNDS".
كذلك وافقت اللجنتان على شراء صواريخ موجهة لأنظمة "باتريوت" (بملياري يورو)، ومركبات قيادة من طراز "إيجل"، وطائرات استطلاع مسيرة من شركة "Quantum Systems".
وخصص مبلغ أربعة مليارات يورو لتوسيع نظام الدفاع الصاروخي "آرو 3"، وأكثر من أربعة مليارات أخرى لشراء مركبات "بوما" إضافية من السلسلة الثانية.
تحول استراتيجي وتمويل استثنائي
جاء هذا التوسع في إطار التحول التاريخي الذي أطلقته ألمانيا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، خاصة مع تصاعد المخاوف من احتمال انسحاب الولايات المتحدة من التزاماتها الأوروبية.
وقرر المستشار فريدريش ميرتس، الذي تولى منصبه في مايو، استثناء الإنفاق الدفاعي من القيود الدستورية الصارمة على الاقتراض، بهدف تسريع تعزيز القدرات العسكرية. وتعهد ميرتس، زعيم الحزب المحافظ، ببناء "أقوى جيش نظامي في أوروبا".
وتشمل خطة التجهيز أيضاً تزويد 460 ألف جندي—وهو العدد المستهدف في هيكل الجيش المستقبلي—بملابس ومعدات حديثة، إضافة إلى توفير معدات واقية لما يصل إلى 80 ألف موظف مدني في الوزارة.
وقال بيستوريوس، المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي: "نحن جادون عندما نقول إننا نجهز قواتنا المسلحة لتكون قوية ومرنة وبأسرع وقت ممكن".
انتقادات برلمانية حول الأولويات والشفافية
لكن الحزمة واجهت انتقادات لاذعة من المعارضة. فقد وصف سيباستيان شيفر، المتحدث باسم سياسة الميزانية لمجموعة حزب الخضر في البرلمان، القرار بـ"تسوق عيد الميلاد لوزارة الدفاع"، محذراً من أن "الموارد المالية غير المحدودة لا يجب أن تؤدي إلى مشتريات طائشة"، في إشارة إلى تحذيرات سابقة من مكتب التدقيق الاتحادي.
وأشار شيفر إلى أن الجيش طلب 200 مركبة "بوما" إضافية رغم انخفاض الجاهزية التشغيلية للمركبات الحالية، معتبراً أن الإنفاق يشمل "دفعات مقدمة للصناعة بقيمة خمسة مليارات يورو تحت مبررات واهية أحياناً"، فضلاً عن التزامات مالية غير معلَنة.
وانتقد سرعة إقرار عقود تصل إلى "مئات الصفحات" دون فحص كافٍ، معتبراً أن ذلك "غير ممكن بطريقة جادة". ولفت إلى أن جميع المشاريع تمول عبر القروض، ما يحمل مخاطر مالية كبيرة، خاصة في ظل تساؤلات حول أولوية تجهيز جيش لا يزال يبعد سنوات عن بلوغ هيكله العددي المستهدف.