"ميديا زونا"، بالتعاون مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ومتطوعين، يحتفظون بقائمة أسماء العسكريين الروس الذين قتلوا في الحرب الشاملة في أوكرانيا. وفي عام 2025، نشروا الأسماء المؤكدة على موقع إلكتروني منفصل بخمس لغات - الروسية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية والألمانية.
يواصل موقع "ميديا زونا" الروسي المستقل، بالتعاون مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ومجموعة من المتطوعين، توثيق قائمة بأسماء العسكريين الروس الذين قُتلوا خلال الحرب الشاملة في أوكرانيا. ووفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن هذا الجهد المشترك، فقد ضمت القائمة حتى الآن أكثر من 158,000 اسم لعسكريين لقوا حتفهم منذ بدء النزاع.
الأرقام والأرواح: واقع يتجاوز الإحصاء
يستهلّ فريق الخبراء المسؤول عن توثيق خسائر الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا تقريره بتحذير هام؛ مؤكداً أن عملية جمع البيانات وتحليلها تنطوي على تعقيدات بالغة. فالأرقام المرصودة حالياً تُعدّ "أرقاماً متأخّرة" ولا تعكس الحجم الحقيقي للخسائر على أرض الواقع. ويعتمد الصحفيون والمتطوّعون في إعداد هذه القوائم على "المصادر المفتوحة"، والتي تشمل التقارير الإعلامية، وسجلاّت الوفيات، والبيانات الرسمية الصادرة عن السلطات المحلية، والمتابعة الميدانية للمقابر، بالإضافة إلى رصد منشورات النعي التي يشاركها أقارب وأصدقاء الضحايا عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، أشارت الخدمة الروسية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى أن البيانات الجديدة ما زالت تتدفق باستمرار، لافتةً إلى أن العمل سيستغرق عدة أشهر إضافية من الجهد المتواصل لتلخيص وحصر إجمالي الخسائر البشرية لعام 2025. هذا ويمكن للمهتمين الاطلاع على كافة المعلومات التي تم تأكيدها عبر موقع "ميديا زونا"، الذي يوفر بياناته وروابطه بأربع لغات أوروبية مختلفة لضمان وصولها إلى الجمهور العالمي.
ينبّه معدّو الدراسة إلى أن الحصيلة الفعلية للخسائر البشرية في الجانب الروسي تتجاوز بكثير الأرقام التي يمكن توثيقها عبر المصادر المفتوحة؛ إذ يرى الخبراء العسكريون أن رصد المقابر الروسية والنصب التذكارية وسجلات الوفيات قد لا يغطي سوى ما نسبته 45% إلى 65% من العدد الحقيقي للقتلى.
ويعود هذا التفاوت إلى بقاء جثامين عدد كبير من الجنود الذين سقطوا في الأشهر الأخيرة في ساحة المعركة، حيث تشكل عمليات إجلاء الرفات خطراً داهماً على من بقي حيّا من العسكريين، لا سيما في ظل التهديد المستمر الذي تشكله الغارات الأوكرانية بواسطة الطائرات المسيرة .
من هم هؤلاء القتلى؟ وما هي خلفياتهم؟
تمكن الفريق البحثي من تحديد هويات 158 ألفا و143 عسكرياً روسياً قُتلوا منذ بداية الغزو الشامل لأوكرانيا، في حين تشير تقديرات الفريق إلى أن إجمالي الوفيات الفعلي قد يتراوح ما بين 239 ألفا 000 و345 ألفا و260 قتيلاً. وقد أظهرت البيانات أن 55% من إجمالي القتلى ينتمون لفئات المتطوعين، والمجنّدين ضمن التعبئة العامة، والسجناء الذين أُرسلوا للقتال من المؤسسات العقابية. وقد تصدّر المتطوعون القائمة بوصفهم الفئة الأكثر تضرّراً، حيث وثّق البحث مقتل 51 ألفا و538 شخصاً منهم.
وبحسب المتخصصين القائمين على المشروع، فقد فقدت روسيا منذ بداية الحرب ما يزيد عن 6278 ضابطاً، ويشكل صغار القادة نحو 77% من إجمالي هؤلاء القتلى. أما على مستوى التوزيع الجغرافي، فقد جاءت جمهوريات باشكورتوستان وتتارستان في صدارة المناطق الروسية من حيث العدد المطلق للضحايا الذين تم التحقق من أسمائهم بشكل قطعي.
من جانبها، أوضحت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أنه بناءً على تقديرات الصحفيين، فقد قُتل ما لا يقلّ عن 33 ألفا و203 عسكرياً روسياً في أوكرانيا خلال عام 2025 وحده. ورغم جسامة هذه الأرقام، إلا أنها تظل رسمياً أقل من معدلات عام 2024، الذي شهد تسجيل مقتل 64950 جندياً روسياً وفقاً للبيانات التي تم توثيقها عبر وسائل الإعلام في ذلك العام.
يعاود الخبراء التأكيد على أن عملية جمع المعلومات لا تزال غير مكتملة، مشيرين إلى أن عدد الوفيات التي تم رصدها ونشرها هذا العام سجل ارتفاعاً بنسبة 40% مقارنة بالأرقام المنشورة في عام 2024 (مع ملاحظة أن عدد الوفيات المنشورة لا يتطابق بالضرورة مع إجمالي عدد الضحايا المؤكد). وفي هذا السياق، يتوقّع المحللون أن يكون عام 2025 هو العام الأكثر دموية للجيش الروسي منذ بدء الصراع، وذلك على الرغم من التحركات الدبلوماسية المستمرة والحديث المتكرر عن أهمية مساعي السلام.
وفي ظل امتناع كل من موسكو وكييف عن نشر أي إحصاءات رسمية حول خسائرهما العسكرية منذ انطلاق الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، يشير المراقبون إلى وجود توجّه لدى كل طرف لتقليل شأن الخسائر في صفوف قواته مقابل المبالغة في حجم خسائر العدو. وأمام هذا التعتيم الرسمي، يبرز المشروع المشترك بين "بي بي سي" وموقع "ميديا زونا" ومجموعة المتطوعين كواحد من أضخم وأهم المحاولات المستقلة الرامية لتقييم حجم الخسائر البشرية التي تكبّدها الاتحاد الروسي بشكل دقيق وحيادي.