أكّد متحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي في اليمن، الذي بسط مقاتلوه خلال هذا الشهر سيطرتهم على مساحات واسعة من البلاد، أن الفصيل بات "أكثر إصرارًا" على إعلان دولته المستقلة، معتبرًا أن ما جرى ميدانيًا عزّز القناعة بهذا الخيار، وإن كان توقيت الإعلان عنه ما يزال مرهونا بـ"اللحظة المناسبة".
وفي مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، قال المتحدث باسم المجلس أنور التميمي إن الانفصال لن يتم إلا عندما تتوافر الظروف التاريخية والدولية والإقليمية الملائمة، سواء بصيغة طويلة أو متوسطة المدى أو بشكل مباشر، وفقًا لما تفرضه المعطيات.
وقد شكّلت المكاسب السريعة التي حققها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، الغنيتين بالموارد والمتاخمتين للسعودية وسلطنة عُمان، منعطفًا لافتًا في مسار الحرب اليمنية المستمرة منذ أكثر من عقد بين التحالف الذي تقوده السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين أجبروا الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا على مغادرة صنعاء عام 2014.
ورغم الضربات الجوية التي استهدفت مواقع تابعة له، والدعوات المتكررة من الرياض للانسحاب من المناطق التي سيطر عليها مؤخرًا، يؤكد المجلس أنه ماضٍ في تعزيز نفوذه.
التحالف السعودي ينفّذ ضربات جوية
الثلاثاء، نفّذ التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ضربات جوية قال إنها استهدفت شحنة أسلحة تابعة للإمارات، في حين نفت أبوظبي ذلك مؤكدة أن الشحنة لا تحتوي على أي أسلحة، وأنها كانت مخصّصة لقواتها العاملة في اليمن.
وكانت السعودية قد أعربت في وقت سابق عن أسفها لما وصفته بالضغوط الإماراتية، معتبرة أن هذه الضغوط دفعت المجلس إلى تنفيذ عمليات عسكرية قرب الحدود الجنوبية للمملكة في حضرموت والمهرة، وهو ما اعتبرته تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني السعودي وللاستقرار في اليمن والمنطقة.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم التحالف، اللواء تركي المالكي، إن سفينتين قدمتا من ميناء الفجيرة الإماراتي دخلتا ميناء المكلا من دون تصاريح رسمية، وقامتا بتعطيل أنظمة التتبع وتفريغ كميات كبيرة من الأسلحة والآليات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة. واعتبر المالكي أن هذه الخطوة تشكّل خرقًا لجهود خفض التصعيد ولمبادرات الحل السلمي، وانتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2216 الصادر عام 2015.
وأوضح أن قوات التحالف، وبناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، نفذت ضربة جوية محدودة استهدفت الأسلحة والآليات التي جرى تفريغها في ميناء المكلا، بعد توثيق الشحنة، معتبرًا أن العملية نُفذت وفق القانون الدولي الإنساني وبما يضمن تفادي الأضرار الجانبية.
من جهته، رحّب مجلس القيادة الرئاسي اليمني بدعوات السعودية إلى الاستقرار، وقال رئيسه إن اليمن "لا يحتمل فتح حروب استنزاف جديدة"، مشددًا على أن البلاد قوية بدعم التحالف الذي تقوده الرياض. كما أعلنت الحكومة اليمنية إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، وقدمت طلبًا رسميًا بسحب القوات الإماراتية من الأراضي اليمنية، مرحّبة في الوقت نفسه بالإجراءات التي اتخذها التحالف عقب الضربة الجوية المحدودة.
الانسحاب من حضرموت
بدأت قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، يوم الأربعاء، الانسحاب من مواقع انتشارها في محافظة حضرموت، مع ظهور محدود للسلاح. وأفادت مصادر بأن آليات عسكرية ومقاتلين تابعين للمجلس شوهدوا وهم ينسحبون من عدد من المواقع في أنحاء متفرقة من المحافظة.
وجاء ذلك في وقت جدّدت فيه الإمارات تأكيد التزامها بأمن واستقرار السعودية، مشددة على احترامها لسيادة المملكة وأمنها الوطني، ورافضة أي خطوات من شأنها تهديد أمن السعودية أو أمن المنطقة. وأكدت أبوظبي أن علاقاتها التاريخية والأخوية مع الرياض تشكّل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، مع التشديد على وجود تنسيق كامل بين الجانبين.
ويأتي كل ذلك فيما يواصل المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، ترسيخ حضوره على معظم أراضي دولة جنوب اليمن السابقة، بعد هجومه الخاطف في أوائل كانون الأول/ديسمبر، ليبسط سلطته على مساحة تفوق مساحة أي فصيل آخر في المشهد السياسي اليمني المضطرب.