باستبدال المصابيح المدخنة بــ**الطاقة الشمسية**، تساعد النساء في إنارة المنازل وحماية المجتمعات المحلية من خطر استعمال وقود الكيروسين
حين حلّ الظلام، جاء معه الدخان.
لا كهرباء في بيت حمنا سليما نيانغي، فهو غيرمتصل بالشبكة، شأنه شأن قرابة نصف سكان أرخبيل زنجبار الذي يتمتع بنوع من الحكم الذاتي في تنزانيا، والبالغ عددهم مليونيْن.
بعد غروب الشمس، تلجأ السيدة لاستعمال مصابيح زيتية مُدخِّنة هي مصدر الضوء الوحيد لأطفالها الثمانية حتى يتمكّنوا من مراجعة دروسهم.
"كان الضوء ضعيفا جدا"، قالت نيانغي. "وكان دخان المصباح يؤذي عينيّ".
في يوم من الأيام، قامت جارتها، تاتو عمري حمد، بتركيب ألواح شمسية ومصابيح أنارت منزلها مستفيدة من أشعة الشمس القوية على ساحل المحيط الهندي.
قالت نيانغي: "اليوم لدينا ما يكفي من الضوء".
تدريب النساء ليصبحن فنّيات في الطاقة الشمسية
حمد واحدة من عشرات "Solar Mama" اللواتي درّبتهن منظمة "بيرفوت كوليدج إنترناشونال" غير الربحية العالمية في زنجبار عبر برنامج يضيء المجتمعات الريفية ويوفّر وظائف للنساء المحليات. حتى الآن في زنجبار، أنار البرنامج 1.845 منزلا.
يختار البرنامج نساء في منتصف العمر، يتمتع معظمهن بمستوى تعليمي محدود أو معدوم، وينحدرن من قرى محرومة من الكهرباء. يتم تدريبهنّ على مدى ستة أشهر ليصبحن فنّيات في الطاقة الشمسية. وهو واحد من عدد قليل من البرامج في أفريقيا، منها "سولار سيستر".
تعود النساء إلى مجتمعاتهن ومعهن ما لا يقل عن 50 مجموعة من معدات ألواح شمسية منزلية، إضافة إلى المهارات والمعدات اللازمة لتركيبها وتشغيلها وصيانتها.
تركّز "بيرفوت كوليدج إنترناشونال" على نساء منتصف العمر لأنهن غالبا ما تكون لديهن روابط قوية بمجتمعاتهن، كما أنهن تجاوزن مرحلة العناية المكثفة بأطفالهن لأنهم في الغالب يكونون قد تعدّوا هذه الفترة.
قالت بريندا جيوفري، مديرة "بيرفوت كوليدج إنترناشونال" في زنجبار: "نريد تدريب نساء يصبحن صانعات تغيير".
يدخل مجمّع زنجبار عامه العاشر في تعليم النساء المحليات. قبل ذلك، كان يرسل نساء للتدريب في الهند، حيث تأسست "بيرفوت كوليدج إنترناشونال" Barefoot College International.
إحداهن كانت خديجة غريب عيسى، وهي أرملة كانت وقتها عاطلة عن العمل. أما اليوم فقد أصبحت مدرِّبة محترفة.
قالت خديجة: "حصلت على وظيفة وعلى مكان أسكن فيه. من قبل لم يكن لديّ بيت".
أهمية الصحة
الاهتمام بالصحة يقع في صلب رسالة البرنامج.
فإلى جانب دورتها الرئيسية في الطاقة الشمسية، تقدّم "بيرفوت كوليدج إنترناشونال" برامج للنساء في الخياطة وتربية النحل والزراعة المستدامة. وكل امرأة تُكمل برنامجا تتلقى تدريبا على معلومات عامة في مجال الصحة يقمن بعدها بتلقينها إلى سكان القرى التي ينحدرن منها.
وتؤدي المشاركات في برنامج "Solar Mama" دورا محفِّزا للصحة بطريقة أخرى، إذ يستبدلن مصادر الضوء الضارة مثل الكيروسين بوسائل إنارة صديقة للبيئة.
قال جاكوب ديانغا، وهو عامل رعاية صحية في عيادة محلية مطّلع على عمل المجموعة: "استخدام الكيروسين له مشاكل كثيرة". فهذا الوقود قد يهيّج العينين، كما أن استنشاق دخانه يمكن أن يسبّب أضرارا طويلة الأمد للرئتين. كما يُشكّل خطرًا على السلامة العامة في المنازل والمتاجر المزدحمة لاحتمال تسببه في حرائق، وقد يُسمّم الأطفال الذين يظنونه مشروبًا.
قال ديانغا: "الطاقة النظيفة مهمة جدا". "إنها تساعد في حماية صحتنا".
تحدّيات لا تزال قائمة
وسّعت منظمة "بيرفوت كوليدج إنترناشونال" نشاطها في أفريقيا، مع فتح فروع أخرى لها في مدغشقر والسنغال. وخلال السنوات الأخيرة، جاءت نساء إلى زنجبار قادمات من ملاوي وجمهورية أرض الصومال، وفي هذا العام يأتي بعضهن من جمهورية أفريقيا الوسطى.
لكن التمويل يبقى أحد التحديات الكبيرة، خصوصا مع قيام مانحين كبار، لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا، بخفض المساعدات الخارجية، في وقت تواجه المشاريع منافسة أكبر على الأموال المتبقية.
وتدير "بيرفوت كوليدج إنترناشونال" أعمالها عبر تبرعات عامة وخاصة، إضافة إلى الإيرادات المتأتية من مؤسساتها الاجتماعية.
ومن التحديات الأخرى وجود مقاومة في المجتمعات المحلية، حيث يجد البعض صعوبة في قبول أن تتولى النساء دورا جندريا جديدا متمثِّلا في دور فنية متخصصة في الطاقة الشمية.
ورغم أن برنامج التدريب لا يوظف سيدات إلا بعد أن يحصل على موافقة قيادة القرية، التي تُرشّح المرشحات، إلا أن بعض الأزواج منعوا زوجاتهم من الالتحاق بالدورة التدريبية.
تقول بريندا جيوفري مديرة برنامج بيرفوت الدولية في زنجبار: "في معظم المجتمعات الأفريقية تُصوَّر المرأة كشخص يجب أن يكون مكانه البيت فقط".
لكن المشاركات في برنامج "Solar Mama" يؤكدن أن النتائج غالبا ما تكون خير دليل.
تقول السيدة عيسى: "كان الناس يقولون إن هذا العمل للرجال. كانوا يتفاجأون ويسخرون عليّ". "لكنهم الآن يرون مدى أهمية عملي. لقد أصبحت قدوة".