تمثل الدراسة أول تطبيق ناجح لتقنيات التعلّم الآلي في تجارب زلزالية على مقاييس مترية، ما يجعلها جسراً بين التجارب المصغّرة والزلازل الطبيعية.
في خطوة قد تعيد تعريف حدود التنبؤ بالزلازل، نجح باحثون في جامعة كيوتو اليابانية في استخدام التعلم الآلي لاكتشاف إشارات دقيقة تسبق الانهيار في تجارب زلزالية مخبرية بمقاييس مترية، تُحاكي بدقة أكبر الظروف في الصدوع الأرضية.
ووفقاً للدراسة المنشورة("نيتشر كوميونيكيشنز" Nature Communications)، واستخدم الفريق نماذج تعلم آلي متقدمة لتحليل بيانات من تجربة احتكاك صخري تولّد زلازل معملية من نوع "الانزلاق العالق"، إلى جانب موجات صوتية ضعيفة تُعرف بـ "الانبعاثات الصوتية" وهي إشارات تُنتج عند اقتراب الصدع من مرحلة الانهيار.
وأظهر التحليل أن النماذج، عند تدريبها فقط على بيانات هذه الهزات المبدئية، تمكنت من رصد إشارات دقيقة قبل دقائق من حدوث الانهيار في التجربة.
لفهم آلية هذا التنبؤ، قارن الباحثون أداء النموذج مع محاكاة فيزيائية رقمية تعيد إنتاج البيانات التجريبية. واكتشفوا أن العامل الحاسم ليس متوسط الإجهاد على طول الصدع بأكمله، بل التغيرات الموضعية في إجهاد القص داخل المناطق التي تنزلق ببطء.
وقال قائد الفريق، يوشيهيرو كانيكو: "هذه التغيرات الإجهادية الموضعية تقدم معلومات تشخيصية أكثر قيمة من متوسط الإجهاد على امتداد الصدع، مما يبرز أهمية مراقبة سلوك الانزلاق غير المتجانس مكانياً."
بدوره، أضاف المؤلف الأول، ريجو نوريسوجي: "لأول مرة، نُظهر أن التعلم الآلي يمكنه التعرف على إشارات فيزيائية خفية تسبق الانهيار في أنظمة صدوع بمقاييس تقترب من محاكاة تلك الموجودة في الطبيعة".
تمثل الدراسة أول تطبيق ناجح لتقنيات التعلم الآلي في تجارب زلزالية بمقاييس مترية، وتُعد جسراً بين التجارب المعملية والزلازل الطبيعية. كما تقدم إطاراً فيزيائياً موثقاً لفهم المراحل النهائية من تراكم الإجهاد على الصدوع.
يُذكر أن البحث لا يزال في إطاره المخبري، ولم يُجرَ أي تنبؤ مباشر بزلازل حقيقية بعد، لكنه يفتح مساراً جديداً للبحث عن إشارات مسبقة قد تكون مخفية في بيانات الرصد الجيولوجي.