عثر راعٍ يُدعى عمر خان على ناصر الدين في حالة غير مألوفة، إذ بدا الجثمان سليمًا ولم تكن ملابسه ممزقة، على الرغم من مرور ثلاثة عقود على وفاته، فيما كانت بطاقة هويته لا تزال بحوزته.
عُثر على ناصر الدين، الرجل الباكستاني البالغ من العمر 31 عامًا، بعد مرور 28 عامًا على اختفائه، محفوظًا بشكل مثالي داخل كهف جليدي في منطقة كوهيستان الباكستانية الجبلية.
وبذلك، توصلت عائلته أخيرًا إلى إجابة عن مصيره بعد سنوات طويلة من البحث المضني، إذ اختفى الرجل بشكل غامض عام 1997 أثناء سفره في وادي سوبات في منطقة كوهيستان، ولم يُرَ مرة أخرى، تاركًا وراءه زوجة وطفلين.
وقد عثر راعٍ يُدعى عمر خان على ناصر الدين في حالة غير مألوفة، حيث كانت الجثة سليمة والملابس غير ممزقة رغم مرور ثلاثة عقود على وفاته، كما أن بطاقة هويته لا تزال معه.
وقال مالك عبيد، ابن شقيق المتوفى، لوكالة الأنباء الفرنسية: "لم تترك عائلتنا أي حجر دون تحري عنه على مر السنين. زار أعمامي وأبناء عمي النهر الجليدي عدة مرات لمعرفة ما إذا كان بالإمكان استعادة جثمانه، لكنهم في النهاية استسلموا لأنه لم يكن ممكنًا". أما عمر خان فعبّر عن دهشته لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي اردو" قائلاً: "ما رأيته كان لا يصدق".
ويبدو أن ناصر الدين خضع لعملية تجميد سريعة حمت الجثة من الرطوبة والأكسجين، مما جعله مصيره مشابهًا للعديد من المستكشفين الذين يغامرون في هذه الارتفاعات الباردة والخطرة. ففي العام الماضي، أفادت "ناشيونال جيوغرافيك" أنها استعادت جزءًا من جثة المتسلق ساندي إرفين، الذي اختفى على جبل إيفرست قبل قرن من الزمن.
وتضم باكستان نحو 7,000 نهر جليدي، وهي أكبر كمية خارج المناطق القطبية على الأرض، وكحال العديد من الأنهار الجليدية حول العالم، تتراجع هذه الأنهار ببطء نتيجة تغير المناخ البشري، مما يسمح بالكشف عن المقابر الجليدية.
كبسولات زمنية
وتعتبر الأنهار الجليدية والأجسام الجليدية الكبيرة، مثل الصفائح الجليدية، أشبه بكبسولات زمنية طبيعية تحتفظ بتاريخ الأرض. فالعلماء حول العالم يحفرون أعمدة من الجليد تُعرف باسم "نوى الجليد" لدراسة الأحداث المناخية الماضية، من خلال فحص فقاعات الهواء المحبوسة داخل الجليد وتركيب العناصر الكيميائية فيه.
كما يمكن لهذه الأنهار الجليدية أن تقدم لمحات رائعة عن تاريخ البشرية، إذ يعثر العلماء على القطع الأثرية المذهلة محاصرة داخل الجليد. ويُعد "أوتزي"، المعروف باسم "رجل الجليد"، الذي عُثر عليه في جبال الألب الإيطالية عام 1991، أشهر الاكتشافات في هذا السياق، حيث كانت أنسجته الرخوة وأعضاؤه الداخلية سليمة، مما وفر لمحة غير مسبوقة عن حياة أوروبا في العصر الحجري الحديث.
وعلى الرغم من قدرة الأنهار الجليدية على الحفاظ على الأنسجة الرخوة، فإنها ليست فعالة كالحرارة الحيوية في التجميد الفائق، التي يمكنها حفظ الكائن الحي بالكامل بشكل مثالي. ولهذا السبب، ظهر على أوتزي، وكذلك على جثث جنود الحرب العالمية الأولى المجمدة التي اكتشفت في 2017، علامات على التحلل والجفاف.