يُعتبر سرطان المبيض من أنواع السرطانات العدوانية التي تنتشر بسرعة، وغالبًا ما تصيب الأنسجة الدهنية في البطن.
أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من معهد كارولينسكا السويدي وجامعة كوين ماري في لندن أن الأنسجة الدهنية تلعب دورًا أكبر بكثير في انتشار سرطان المبيض مما كان يُعتقد سابقًا، إذ لم تعد مجرد مخزن للطاقة أو مستودع إشارات كيميائية، بل تُشكل بيئة ميكانيكية تُسهل حركة الخلايا السرطانية داخل البطن.
ووفقًا للدراسة المنشورة في مجلة Nature Communications، اكتشف الباحثون أن الخلايا السرطانية تستغل ليونة وازدحام الأنسجة الدهنية لتنشئ "طرق هجرة" تُمكّنها من الانتقال بسرعة وكفاءة عبر المساحات الضيقة، دون تعريض نواتها للتلف، وهو أمر حاسم لبقائها وانتشارها.
وتبين أن الحجم الكبير وقابلية التشوه في الخلايا الدهنية يسهمان مباشرة في هذه العملية، وهو ما يرتبط بشكل وثيق بعدوانية الأورام في المرضى.
واستخدم الفريق البحثي نماذج حيوية مبتكرة تحاكي التركيب الطبيعي للدهون، إلى جانب عينات مأخوذة من مرضى، ما سمح بعزل الخصائص الفيزيائية للأنسجة الدهنية ودراسة تأثيرها على حركة وانتشار الخلايا السرطانية. وأوضحت النتائج أن هذه الخصائص يمكن اعتبارها "محركات ميكانيكية" للنقائل السرطانية، مما يمهد الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة تستهدف البيئة المحيطة بالخلايا السرطانية، وليس الخلايا نفسها فقط.
وقالت البروفيسورة كايسا ليهتي، إحدى الباحثات الرئيسيات في الدراسة:"من خلال محاكاة الأنسجة الدهنية، استطعنا فهم العوامل الميكانيكية التي تدعم انتشار السرطان.. هذا النهج يتيح لنا التفكير في استراتيجيات علاجية جديدة لا تركز فقط على الخلايا السرطانية، بل على البيئة التي تساعدها على الانتشار".
وأضافت أن هذه المنصة البحثية الجديدة قد تُستخدم لدراسة أنواع أخرى من السرطانات المرتبطة بالدهون، مثل سرطان الثدي والمعدة واللوكيميا، ما قد يغير نهج العلاج الطبي من التركيز على الخلايا السرطانية وحدها إلى تكييف بيئتها الفيزيائية لمنع النقائل.
ويخطط الفريق المستقبلي لدراسة كيفية تفاعل الخلايا المناعية والخلايا الليفية مع الخلايا السرطانية أثناء غزو الأنسجة الدهنية، إضافة إلى دراسة التحولات الليفية التي قد تسبب مقاومة العلاج، وهو ما يُعتبر مهما لتطوير علاجات أكثر نجاعة ضد النقائل السرطانية المرتبطة بالدهون.