كشفت دراسة يابانية أن لقاح كوفيد لا يوفر الحماية بالقدر نفسه لجميع الأشخاص، إذ أظهر بعض الملقحين استجابة مناعية قوية في البداية سرعان ما تراجعت، ما جعلهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس لاحقًا.
كشفت دراسة علمية حديثة أن بعض الأشخاص الذين تلقوا لقاحات كوفيد يتمتعون في البداية بمستويات مرتفعة من الأجسام المضادة، لكنهم يفقدون هذه المناعة بسرعة أكبر من غيرهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس في وقت لاحق.
وأجريت الدراسة في جامعة ناغويا اليابانية، وتهدف إلى تفسير ظاهرة حيّرت الأطباء منذ بدء حملات التطعيم، إذ أُصيب بعض الأشخاص بالفيروس رغم تلقيهم كامل الجرعات وامتلاكهم مؤشرات مناعية مرتفعة في البداية.
اختلافات في استجابة الجسم
تابع الباحثون أكثر من 2500 مشارك على مدى 18 شهرًا، منذ تلقيهم الجرعة الأولى وحتى الجرعات المعززة، ولاحظوا أن الاستجابة المناعية تختلف من شخص إلى آخر بشكل واضح.
فقد أظهرت النتائج أن هناك فئة من الملقحين تحافظ على مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة لفترات طويلة، بينما ينخفض مستوى المناعة لدى فئة أخرى بسرعة رغم انطلاقتها القوية بعد التطعيم. كما برزت مجموعة ثالثة كانت استجابتها ضعيفة منذ البداية واستمرت بالتراجع، وأخرى أظهرت نتائج متوسطة بين هذه الحالات.
وبيّنت الدراسة أن الأشخاص الذين بدأت لديهم المناعة بمستويات عالية ثم تراجعت بسرعة، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى مقارنة بغيرهم، حتى مع استمرارهم في الالتزام بالإجراءات الوقائية.
المناعة التي تبلغ ذروتها ثم تتراجع
أوضح البروفيسور شينغو إوامي، المشرف على الدراسة، أن النتائج كانت غير متوقعة، إذ إن بعض من امتلكوا استجابة قوية جدًا في البداية أصيبوا بالعدوى في وقت أبكر من أولئك الذين كانت استجابتهم أضعف ولكنها أكثر استقرارًا.
وأشار إلى أن اختبارات الدم التقليدية لا تكشف هذا الخطر، لأن ملاحظة النمط تتطلب تتبع التغيّرات في الأجسام المضادة على مدى أشهر وليس من خلال فحص واحد.
وتوضح النتائج أن الذين تنخفض لديهم الأجسام المضادة بسرعة، سواء بدأوا بمستويات منخفضة أو مرتفعة، يواجهون خطرًا أكبر للإصابة بما يُعرف بالعدوى الاختراقية، أي الإصابة بالفيروس رغم تلقي اللقاح.
الأجسام المضادة التي تحمي الأنف والحلق
أظهرت الدراسة أن المشاركين الذين أُصيبوا بعدوى لاحقة كانت لديهم مستويات منخفضة من الأجسام المضادة المسماة IgA(S)، وهي التي تحمي الأنف والحلق وتشكل خط الدفاع الأول ضد الفيروسات التنفسية.
وبيّنت النتائج وجود علاقة قوية بين مستويات هذه الأجسام في الدم وتلك الموجودة في الأنف، ما يعني أن فحوص الدم يمكن أن تساعد في تقييم المناعة الوقائية في الجهاز التنفسي.
ويرى الباحثون أن قياس هذه الأجسام بعد التلقيح قد يساهم في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، خصوصًا كبار السن أو من يعانون ضعفًا في المناعة.
نحو لقاحات أكثر تخصيصًا
تفتح هذه النتائج الباب أمام تطوير استراتيجيات تلقيح تراعي الفروق الفردية بين الأشخاص. ويرجّح العلماء أن عوامل مثل العمر، والاختلافات الجينية، ونوع اللقاح المستخدم، ونمط الحياة بما في ذلك النوم والتوتر والأدوية قد تفسر سبب فقدان بعض الأفراد لمناعتهم بسرعة أكبر من غيرهم.
وأكد البروفيسور إوامي أن تحديد فئة الأشخاص الذين يفقدون الأجسام المضادة بسرعة يشكل خطوة مهمة نحو تطوير لقاحات أكثر دقة وفعالية، موضحًا أن فهم هذه الأنماط يمكن أن يساعد في تحديد من يحتاج إلى جرعة معززة في وقت أبكر.
لكنه شدد في الوقت نفسه على أن تعميم هذه الآلية في حملات التطعيم يتطلب مزيدًا من الدراسات لتقييم دقة الفحوص وكلفتها وجدواها مقارنة بالطرق الحالية.