تشير دراسة إلى أن الأطعمة التي ترفع مستوى السكّر في الدم بسرعة قد ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة، في حين قد ترتبط الكربوهيدرات ذات النوعية الجيدة بانخفاض هذا الخطر.
تشير دراسة جديدة أعدّها فريق بحثي من مستشفى جامعة تشونغتشينغ للسرطان في الصين إلى وجود اختلاف كبير في نتائج الأبحاث السابقة حول العلاقة بين المؤشر الغلايسيمي في الغذاء (GI)، وهو مقياس لسرعة ارتفاع السكر في الدم بعد تناول الطعام، وبين الحمل الغلايسيمي (GL)، وهو مقياس يجمع بين نوع الكربوهيدرات وكميتها من جهة، وبين خطر الإصابة بسرطان الرئة من جهة أخرى.
ولتوضيح هذه العلاقة، استخدم الباحثون بيانات واسعة من دراسة PLCO التابعة للمعهد الوطني الأميركي للسرطان، وهي دراسة شملت أكثر من 101 ألف شخص بالغ في الولايات المتحدة، قدموا معلومات تفصيلية عن نظامهم الغذائي عند بداية المشاركة بين عامي 1993 و2001، وتمت متابعتهم لمدة وسطية بلغت 12.2 سنة لمعرفة من سيُصاب بسرطان الرئة خلال هذه الفترة.
منهجية البحث
جمع الباحثون بيانات المشاركين عبر استبيان شامل يتضمن تفاصيل ديموغرافية وطبية، بينما جرى تقييم النظام الغذائي باستخدام استبيان متخصص في التاريخ الغذائي. وتم التأكد من كل حالة إصابة بسرطان الرئة عبر التقارير الباثولوجية (أي فحص الأنسجة تحت المجهر). وبعد ذلك، استعان الباحثون بتحليل إحصائي يُعرف بـ انحدار كوكس (Cox regression) لمقارنة مخاطر الإصابة بسرطان الرئة بين الأشخاص الذين كانت وجباتهم ذات مؤشر غلايسيمي أو حمل غلايسيمي مرتفع مقابل أولئك الذين كانت مستوياتهم منخفضة، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل العمر، الجنس، التدخين، النشاط البدني، التاريخ العائلي، والظروف الصحية الأخرى.
نتائج المتابعة
خلال فترة المتابعة، تم تسجيل 1706 حالات جديدة لسرطان الرئة، بينها 1473 حالة من سرطان الرئة غير صغير الخلايا (NSCLC)، وهو النوع الأكثر انتشارًا، و233 حالة من سرطان الرئة صغير الخلايا (SCLC)، وهو النوع الأقل شيوعًا لكنه أكثر سرعة في النمو.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين تناولوا أطعمة ذات مؤشر غلايسيمي مرتفع كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة مقارنة بمن تناولوا أطعمة ذات مؤشر منخفض. وبلغ ارتفاع الخطر نحو 13 بالمئة بالنسبة لسرطان الرئة بشكل عام، ونحو 11 بالمئة بالنسبة لسرطان الرئة غير صغير الخلايا، ووصل إلى نحو 34 بالمئة بالنسبة لسرطان الرئة صغير الخلايا.
وفي المقابل، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين اتبعوا نظامًا غذائيًا ذا حمل غلايسيمي مرتفع كانوا أقل عرضة للإصابة بسرطان الرئة. وبلغ انخفاض الخطر نحو 28 بالمئة بالنسبة لسرطان الرئة عمومًا، ونحو 32 بالمئة بالنسبة لـ"سرطان الرئة غير صغير الخلايا"، بينما لم يظهر ارتباط واضح بين الحمل الغلايسيمي وسرطان الرئة صغير الخلايا.
وبقيت هذه النتائج واضحة عند تحليل الفئات المختلفة في الدراسة مثل العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم والتاريخ العائلي والتدخين.
تفسير النتائج المحتملة
تشير الدراسة إلى أن تناول أطعمة ترفع مستوى السكر بسرعة قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة، بينما قد يكون تناول كميات أكبر من الكربوهيدرات ذات النوعية الجيدة، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة مرتبطًا بانخفاض هذا الخطر.
ويعزو الباحثون هذه الفروقات إلى تأثيرات فسيولوجية، إذ يمكن للأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع أن تسبب ارتفاعًا سريعًا في سكر الدم ومستويات الإنسولين، مما قد يؤدي إلى مقاومة الإنسولين وارتفاع عامل النمو الشبيه بالإنسولين (IGF-1)، وهو عامل يُعتقد أن له دورًا في تحفيز نمو الخلايا السرطانية. وفي المقابل، قد توفر الأنظمة الغذائية ذات الحمل الغلايسيمي المرتفع عناصر غذائية مفيدة، وقدرة على تقليل الالتهاب، ودعم وظائف الخلايا بطريقة قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الرئة.
خلاصة الدارسة
تُظهر الدراسة أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على أطعمة ذات مؤشر غلايسيمي مرتفع قد ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة، فيما قد ترتبط الأنظمة التي تعتمد على حمل غلايسيمي مرتفع، المكون غالبًا من الكربوهيدرات ذات النوعية الجيدة، بانخفاض هذا الخطر.
وتسلط النتائج الضوء على أهمية التركيز على جودة الكربوهيدرات في النظام الغذائي، وليس كميتها فقط، ودورها المحتمل في الوقاية من أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا.