خرج مئات الآلاف من الفرنسيين، اليوم الخميس، إلى الشوارع رفضًا لخطط حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بخفض تمويل الخدمات العامة.
وجاءت هذه التعبئة، التي فاقت بأشواط ما شهده الشارع الفرنسي في 10 أيلول/ سبتمبر عندما تظاهر 200 ألف شخص تحت شعار "لنغلق كل شيء"، بعد سلسلة إضرابات واحتجاجات على إجراءات الميزانية التي أقرها هذا الصيف فرانسوا بايرو قبل الإطاحة بحكومته في 8 أيلول/ سبتمبر.
النقابات تضغط والحكومة تستنفر
دعت جميع النقابات العمالية للمشاركة في هذا التحرك الذي امتد إلى مختلف المدن الفرنسية، مطالبين بالتراجع عن التخفيضات المقترحة وتجميد الرعاية الاجتماعية. وأكدت الأمينة العامة للاتحاد العام للعمال الفرنسية (CGT)، صوفي بينيه، أن "التعبئة حققت نجاحًا بالفعل"، كاشفة عن مشاركة "أكثر من 400 ألف متظاهر" في ساعات الصباح الأولى.
بالتوازي، عبّر قائد شرطة باريس، لوران نونييه، عن "قلقه الشديد" من وجود مخربين ضمن المسيرات. في مواجهة ذلك، دفعت الحكومة بترسانة أمنية وصفت بأنها "غير مسبوقة" منذ احتجاجات "السترات الصفراء"، تضم 80 ألف شرطي ودركي، و24 عربة مدرعة من طراز "سنتور"، إضافة إلى 10 مدافع مياه وطائرات مسيّرة.
اشتباكات وتوترات في المدن
لم تخلُ التظاهرات من مواجهات عنيفة. ففي ليون، اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعة من الشباب الملثمين.
وفي مونبلييه، وقعت مواجهة متوترة في ساحة كوميدي، قبل أن تتدخل الشرطة لتفريق الحشد قرب مركز التسوق "بوليجون"، وفق ما نقلت وكالة ICI Hérault.
أما في نانت، فانقسمت المسيرة سريعًا بعد إطلاق الغاز المسيل للدموع منذ بدايتها. وفي مرسيليا، وثقت الكاميرات شرطيًا يركل متظاهرة أرضًا.
كما امتدت التوترات إلى مدينة رين، حيث سُجلت اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين، وأصدرت محافظة بريتاني وإيل-إي-فيلين بيانًا استنكرت فيه إلقاء مقذوفات على الشرطة، داعية المتظاهرين إلى "الابتعاد عن الأشخاص العنيفين".
إغلاقات واعتقالات بالجملة
خلال مؤتمر صحفي، أعلن وزير الداخلية المستقيل، برونو ريتايو، تسجيل 476 عملية احتجاجية: 341 على الطرق العامة و135 عملية إغلاق طرق. وأشارت الوزارة إلى أن أعداد المتظاهرين تراوحت بين 600 ألف و900 ألف في مختلف أنحاء البلاد.
بحلول منتصف النهار، اعتقلت الشرطة 94 شخصًا، بينهم 32 وُضعوا في الحجز الاحتياطي. وقال ريتايو إن "الدولة لن تتساهل" مع أي أعمال عنف أو تخريب. وفي باريس، تسللت مجموعة صغيرة من المتظاهرين إلى ساحة وزارة الاقتصاد لبضع دقائق فقط قبل أن تغادر طوعًا من دون تسجيل أضرار، بحسب مديرية الشرطة.
وقد رافق الاحتجاجات شلل واسع في وسائل النقل العام، إذ تعطلت حركة القطارات والمترو، فيما عانى السائقون على الطرقات من إغلاقات وازدحامات خانقة، ما ضاعف من صعوبة تنقل المواطنين إلى أماكن عملهم أو وجهاتهم اليومية.