أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش وقف أحد أكثر المشاريع إثارة للجدل في بلغراد، بعدما انسحبت الشركة الاستثمارية المرتبطة بصهر الرئيس الأمريكي من خطط إعادة تطوير موقع مقر الجيش اليوغوسلافي السابق.
أكد فوتشيتش، اليوم الثلاثاء، أن مشروع تحويل مقرّ الجيش اليوغوسلافي السابق في بلغراد إلى فندق لن يرى النور، بعد انسحاب شركة Affinity Partners الاستثمارية المرتبطة بجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وعزا الرئيس الصربي هذا الانسحاب إلى ما وصفه بـ"حملة تشهير" استهدفت المستثمر والمشروع، محمّلًا إياها مسؤولية إفشال الخطط.
وقال فوتشيتش للصحافيين في بلغراد إن الموقع سيُترك اليوم كمبنى مدمّر من دون أي تدخل، مضيفًا أن "المسألة مسألة وقت قبل أن تبدأ الطوب وأجزاء أخرى بالتساقط، لأن أحدًا لن يلمسه مجددًا". ويقع المقرّ في وسط العاصمة، وقد بقي منذ عام 1999 من دون أي أعمال ترميم، بعدما تعرّض لقصف متكرر خلال الحملة الجوية لحلف شمال الأطلسي التي أنهت حرب كوسوفو.
وكانت شركة Affinity Partners، التي تتخذ من ميامي مقرًا لها وأسّسها كوشنر، قد أبلغت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم الاثنين، قرارها الانسحاب من المشروع. وقال متحدث باسمها إن "المشاريع الهادفة يجب أن توحّد لا أن تفرّق"، موضحًا أنه "احترامًا لشعب صربيا ومدينة بلغراد، قررنا سحب طلبنا والتنحي جانبًا في هذه المرحلة". وكان كوشنر قد نشر سابقًا على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا للمشروع المقترح، أظهرت برجين مضيئين في موقع المقرّ السابق.
لوائح اتهام وشبهات تزوير
جاء الانسحاب في سياق أزمة متفاقمة حول المشروع، الذي كان موضع معارضة شعبية منذ بدايته وبقي لأشهر محاطًا بشبهات فساد. فقد وُجهت لوائح اتهام إلى وزير الثقافة الصربي نيكولا سيلاكوفيتش وثلاثة مسؤولين آخرين، على خلفية شبهات تتعلق بإساءة استخدام المنصب والتزوير المرتبط بإلغاء صفة التراث الثقافي عن الموقع.
وقال مدّعون مختصون إن لوائح الاتهام تستند إلى وثيقة رسمية أخرجت المقرّ السابق من إطار الحماية القانونية. وكانت خطط تحويل المجمع المتضرر بفعل القصف إلى فندق شاهق قد تعثّرت للمرة الأولى في أيار/مايو، بعد ظهور مزاعم بأن قرار سحب صفة التراث الثقافي استند إلى وثيقة مزوّرة، ما أدّى إلى إعادة إشعال الاحتجاجات، وليس فقط إلى تعطيل المشروع إداريًا.
وأوضح الادعاء أن القائم بأعمال مدير معهد حماية الآثار الثقافية، غوران فاسيتش، اعترف بتزوير الوثيقة، وقد وُجهت لوائح اتهام إليه وإلى سيلاكوفيتش ومسؤولين آخرين. وفي حال إدانتهم، قد يواجهون عقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات.
احتجاجات أوسع وسجال سياسي
رغم التحقيقات الجارية، سعى مشرعون الشهر الماضي إلى تمرير المشروع بوتيرة أسرع، معتبرين أنه أمر عاجل، ما أشعل احتجاجات في بلغراد. ودعا المتظاهرون إلى الحفاظ على الأنقاض لما تحمله من قيمة معمارية حداثية، ولتكون نصبًا تذكاريًا لقصف حلف شمال الأطلسي عام 1999.
وكانت Affinity Partners قد وقّعت العام الماضي اتفاقًا مع الحكومة الصربية لاستئجار الأرض لمدة 99 عامًا بهدف إعادة تطوير الموقع، وذلك بعد وقت قصير من إلغاء صفته كأصل ثقافي. وفوتشيتش، الذي استضاف كوشنر عدة مرات وأعلن دعمه العلني للمشروع، كان قد قال سابقًا إنه سيعفو عن أي شخص يُلاحق قضائيًا على خلفية هذا التطوير.
وخلال زيارة إلى مدينة نيش في جنوب البلاد، يوم الاثنين، قال الرئيس الصربي: "لن أسمح لهم بملاحقة من لم يرتكبوا أي ذنب. أنا المذنب. أنا من أردت تحديث صربيا. أنا من أردت جلب مستثمر كبير". ولم يكتفِ فوتشيتش بانتقاد التحقيق في المشروع، بل توعّد بالرد على من قال إنهم أفشلوا الصفقة، متهمًا منتقديها بعرقلة استثمار قدّر قيمته بما لا يقل عن 750 مليون يورو، أي نحو 880 مليون دولار.
وتأتي هذه التطورات فيما يواجه فوتشيتش احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة منذ أكثر من عام. وكانت الاحتجاجات ضد الحكومة اليمينية قد انطلقت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عقب انهيار سقف محطة قطارات أدى إلى سقوط قتلى، قبل أن تتوسع لاحقًا لتشمل مطالب بإجراء انتخابات مبكرة، ما أضفى على الجدل حول مشروع الفندق بعدًا سياسيًا يتجاوز حدود الاستثمار والعمران.