في يوم الأرض: إنجيليون يقفون في وجه تغيرات المناخ

في يوم الأرض: إنجيليون يقفون في وجه تغيرات المناخ
Copyright https://www.pexels.com
بقلم:  سامر عجوري مع إن بي سي
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

في يوم الأرض: إنجيليون يقفون في وجه تغيرات المناخ

اعلان

يعتبر تغير المناخ من بين العديد من القضايا التي أصبحت مستقطبة سياسياً في الولايات المتحدة الأمريكية سيما تقسيم المجتمع بين مؤيد ومعارض للدور الذي يلعبه الإنسان في التسبب بتغيرات جذرية في المناخ من جهة، وانقسام نفس المجتمع بين موافق وممانع لأهمية اتخاذ مجموعة من الاجراءات على جميع الأصعدة في مواجهة هذه التغيرات من جهة أخرى.

ويظهر الانقسام بشكل واضح في محاولات شد وجذب بين ديمقراطيي أمريكا المتحررين وجمهوريها المحافظين للتعاون مع دول العالم في مواجهة تحديات المناخ، ففي العام الفائت اعتبر الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن اتفاق باريس حول المناخ "لا يصب في صالح الولايات المتحدة" وقرر الانسحاب من الاتفاقية التي كان باراك أوباما من أهم منظميها، والتي يشترك فيها 190 دولة في محاولة لوقف ارتفاع حرارة الأرض عبر خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.

الاثنين، أعلن ميكائيل بلومبرغ، الملياردير الديمقراطي وحاكم مدينة نيويورك السابق، أنه سيتبرع بمبلغ 4.5 مليون دولار لصالح الأمم المتحدة في سعيها للمفاوضات بخصوص تغيرات المناخ ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية، في محاولة منه لإظهار إلتزام الولايات المتحدة لا تزال باتفاقية مناخ باريس عكساً لخطة الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاقية.

إنكار متزايد للأزمة المناخية

ولطالما حافظت وجهات نظر المحافظين والمتشددين دينياً على مسارها المشكك بالعلم وبالأدلة العلمية بخصوص قضية تغير المناخ، وفي إحصائية قام بها مركز بيو للأبحاث في عام 2008 لدراسة تأثير الإعتقاد الديني على وجهة نظر المجتمع الأمريكي في مواضيع إشكالية مختلفة من أبرزها تغيرات المناخ، توصل المركز إلى أن 44 بالمئة من الإنجيليين يؤمنون أن ظاهرة الاحتباس الحراري سببها بشري، أي أنها من صنع الانسان، وذلك مقارنة مع 64 بالمئة من غير الانجيليين الذين يملكون نفس الرأي، وفي عام 2011 كان 27 بالمئة من الانجيليين البيض يؤمنون بتسبب البشر في تغييرات المناخ مقارنة بـ 40بالمئة لدى غير الانجيليين.

وتبذل التيارات الدينية جهوداً حثيثة للتشكيك في الإجماع العلمي على أن الإحتباس الحراري هو ظاهرة ناتجة عن نشاط الانسان الصناعي المستمر خلال الـ 150 سنة مضت بسبب الاعتماد على حرق الوقود الأحفوري كمصدر أول للطاقة.

وإنكار الأدلة العلمية من قبل التيارات المتدينة عادة مايستند لوجهات نظر "إنجيلية" مستمدة من الكتاب المقدس، خاصة فيما يتعلق أولاً بحق الانسان المقدس بفعل ما يشاء بكوكبه، الأرض، وهو حق إلهي جاء ذكره في سفر التكوين في كتاب العهد القديم حين خلق الله البشر على صورته وقال لهم " أثمروا واكثروا واملأوا الأرض، وأخضعوها، وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض" (التكوين28).

ومن جهة ثانية ترى تلك التيارات أن ما حصل وسيحصل من كوارث طبيعية، وبغض النظر عن مسبباتها، هو قدر العناية الإلهية والعدل السماوي بنا كبشر وبكوكب الأرض، ولا يحق لنا تغييره أو السؤال عنه.

إقرأ المزيد على يورونيوز:

بين العلم والدين

وبيما تضرب جدلية التناحر بين العلم والدين جذورها عمقاً في التاريخ تبرز من بين المؤسسات الدينية حركات تنشط بشكل ملحوظ بهدف رفع الوعي العام بخصوص قضية تغيرات المناخ، في خطاب ديني لا يخلو من التطور والحداثة العلمية، من هذه الحركات جمعية "الشباب الإنجيليين من أجل المناخ" وهي جمعية تعرف نفسها بأنها مجموعة من "الانجيليين الشباب في الولايات المتحدة، اجتمعوا لأخذ إجراءات للتغلب على أزمة المناخ، كجزء من تعاليمهم وشهادتهم المسيحية".

كاثرين هايهو، دكتورة في علوم الغلاف الجوي، تقوم بإلقاء محاضرات لرفع الوعي العام بخصوص تغيرات المناخ لجمهور من الإنجيليين المتشديين وباستخدام خطاب علمي لا يتعارض مع نصوص دينية. وهي تقوم بنشر أفلام توعوية على موقع يوتيوب لتوعية الناس بخصوص المناخ وتسمي قناتها بـ "الغرابة العالمية"، وهو مصطلح فضل استخدامه بعض العلماء كبديل عن مصطلح "الاحترار العالمي"، نظراً لغرابة التغيرات التي تحصل للمناخ والتي لا تقتصر على ارتفاع درجات الحرارة فقط.

Copyright: Kai T. Dragland / NTNU
كاثرين هايهوCopyright: Kai T. Dragland / NTNU

وكونها محاضرة في العلوم السياسية في جامعة تكساس التقنية حيث تترأس قسم الدراسات المناخية فيها، تقوم كاثرين باقتباس سفر التكوين نفسه في محاولة لإقناع الإنجيليين بأهمية الحفاظ على كوكب الأرض، فتقول "الله أعطانا الكوكب ويقول إننا مسؤولون عنه" ثم تقتبس سفر الرؤيا عندما يخاطب الله البشر محذراً في الكتاب المقدس: "سيدمر الله أولئك الذين يدمرون الأرض".

كاثرين تقول : السبب الحقيقي لرفض الناس للأدلة العلمية لتغيرات المناخ ليس رفضها للعلم نفسه، بل للحلول المقترحة لإنقاذ المناخ". وتتابع في حديث لها مع شبكة إن بي سي " الناس لا تحب أن تحدد لهم الحكومة حرارة الغرفة المناسبة لهم".

وتضيف كاثرين "مع أن جمعية الإنجيليين الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية تقف مع المجمع العلمي ولكن الكنسية الإنجيلية مشعبة كثيراً ولا تتبع تراتبية أسقفية وهناك فراغ قيادي فيها عادة ما يملؤه الساسة المحافظون ووسائل الإعلام".

وتأمل كاثرين أن ينضم إليها المزيد من العلماء لتوجيه خطابهم بنفس الأسلوب واعتماد مصادر موثوقة لإقناع المشككين بغض النظر عن ميولاتهم السياسية والدينية، ليبقى السؤال عن نجاعة تلك الجهود المبذولة في مواجهة تحديات تغير المناخ ومايرافقها من تغييرات كارثية والتي ستحدد مصيرنا ومصير الكائنات الحية على كوكب الأرض في العقود القادمة فيما إذا أصر العالم الصناعي بالاستمرار بنفس الوتيرة.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

حدوث ذوبان في "آخر منطقة ثلجية" بالقطب الشمالي لأول مرة في التاريخ

شاهد: انهيار جليدي مبكر بالأنهار المتجمدة في الصين

سوريا تنضم رسميا لاتفاقية باريس للمناخ