كيف دفعت أزمة انقطاع الكهرباء لبنانيين إلى الطاقة الشمسية؟

ألواح للطاقة الشمسية
ألواح للطاقة الشمسية Copyright Bruna Prado/AP
Copyright Bruna Prado/AP
بقلم:  Hannah McCarthy مع يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

لم يعد الاعتماد على تيار الكهرباء الحكومي ممكناً، كما أن الاعتماد على المولدات الخاصة صار بمثابة مخاطرة: من جهة أولى، يعاني أصحاب المولدات من انقطاع مادة "المازوت" كغيرهم، ومن جهة ثانية فإن الفواتير ارتفعت بشكل جنوني. هل الحل في تجهيز البيوت بالطاقة الشمسية؟

اعلان

عقّد انقطاع التيار الكهربائي شبه الدائم عن لبنان الوضع على اللبنانيين، وهم يعيشون أساساً أسوأ أزمة اقتصادية ومالية شهدتها بلاد الأرز في تاريخها.

ووسط أزمة التيار التي ولدت في خضم الحرب الأهلية، واشتدت في الآونة الأخيرة مع انقطاع المحروقات و"إفلاس الدولة"، لجأ القادرون إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية كبديل، لتأمين حاجاتهم اليومية الأساسية.

لم يعد الاعتماد على تيار الكهرباء الحكومي ممكناً، كما أن الاعتماد على تيار المولدات الخاصة صار بمثابة مخاطرة: من جهة أولى، يعاني أصحاب المولدات من انقطاع مادة "المازوت" كغيرهم، وهم بحاجة إليها لتشغيل المولدات، ومن جهة ثانية فإن فواتير المولدات ارتفعت بشكل جنوني، وما عاد باستطاعة أكثرية الشعب دفعها.

حالياً، تعمل منظمات غير حكومية وأخرى تابعة للأمم المتحدة على تجهيز بعض المستشفيات والمدارس بالطاقة الشمسية في محاولة منها لتفادي أزمة إنسانية أعمق. ولكن اللبنانيين ليسوا وحدهم من يعانون بسبب الأزمة.

في عرسال المحاذية للحدود السورية، عملت منظمتان غير حكوميتان، واحدة ألمانية وأخرى اسكتلندية، على تجهيز مخيم للاجئين السوريين بالطاقة الشمسية من أجل تأمين ضخ المياه النظيفة، وهذا الأمر يتطلب مصدراً للطاقة. ويتخوف البعض في عرسال من أن يكون الشتاء قاسياً جداً على اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الخيم، فتدفئتها ستكون مهمة صعبة في الظروف الحالية.

كيف بدأت المشكلة؟

تستطيع شركة كهرباء لبنان (الحكومية) تأمين نحو 2000 ميغاواط يومياً إذا عملت المعامل التابعة لها بأقصى طاقتها، بينما يحتاج لبنان إلى نحو 3600 ميغاواط يومياً، وهذا يشير إلى كمية العجز في الإنتاج.

بالعودة إلى التاريخ، لم يكن لبنان يشهد مشاكل في التيار، ولم تبدأ تلك المشاكل إلا مع اندلاع الحرب الأهلية الطائفية (1975-1990). في تلك الفترة، ازدهرت سريعاً أسواق المولدات الخاصة. وبحسب التقديرات، كبُر رأسمال هذه التجارة حتى بلغت نحو ملياري دولار في 2021.

ومنذ سنوات، يدفع سكان لبنان فاتورة حكومية، وأخرى للمولد الخاص، كما يفعلون مع الماء. ولكنهم أيضاً يدفعون فاتورة صحية، إذ ربط أطباء بين انتشار المولدات بكثرة والمشاكل الصحية التي يصاب بها البعض، خصوصاً تلك المتعلقة بالجهاز التنفسي.

وكانت الدولة (مصرف لبنان تحديداً) يدعم المحروقات إلى أن رفع الدعم مؤخراً. وإلى أن رُفع الدعم، كان بمقدور اللبنانيين تسديد فاتورة إضافية لسدّ العجز في تيار الدولة الذي تراوح بين 3 و12 ساعة (بحسب المنطقة).

حلول شمسية للأزمة؟

في الضوء الأزمة الحادة والانهيار غير المسبوق، سّرع القيمون على برنامج الأمم المتحدة للتنمية عملية تجهيز 10 مستشفيات رسمية بالطاقة الشمسية. لقد تمّ تحضير ذلك المشروع بداية كردّ على وباء كوفيد-19، ولكن شرع البدء به مع المستجدات. ويعمل البرنامج أيضاً في قطاعي المدارس والقطاع الأمني لضمان تأمين الحاجات اليومية الأساسية.

وكانت الأمم المتحدة بدأت بمشاريع لتجهيز المدارس بالطاقة الشمسية منذ 2006 والآن تعمل لتجهيز بعض مراكز الجيش بها، خصوصاً تلك البعيدة من المدن، بهدف تأمين الطاقة والمياه الساخنة للعناصر.

قلة خبرة ومخاطر

تبلغ كلفة نظام شمسي مستقل لمنزل خص نحو إلى 20000 دولار وهذا يعني أن الطاقة الشمسية متاحة في الغالب لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها في لبنان. ورغم أن التجهيز يحتاج إلى رخصة من وزارة الداخلية، إلا أن أكثرية المواطنين يقدمون على تجهيز بيوتهم من دونها، وأحياناً من دون مراعاة المعايير الفنية والهندسية.

وشهدت الأسواق إقبالاً كبيراً على هذه التجهيزات في الأشهر الماضية، كحل بديل لانقطاع الكهرباء شبه الدائم، حتى أن قائداً في قوى الأمن الداخلي أصدر منذ أيام "تعميماً طلب فيه من قادة المناطق الإقليمية في قوى الأمن الداخلي التشدّد في قمع مخالفات تركيب ألواح الطاقة الشمسية" بحسب ما ذكرت جريدة الأخبار اللبنانية.

ويتخوف البعض من صدور قانون نهائي يمنع تلك التجهيزات ويعتبرها غير قانونية. أضف إلى ذلك فوضى الأسواق، ذلك أن كلّ تكنولوجيا جديدة يجب أن تمرّ بمرحلة انتقالية، إلى حين تجهز لها الأسواق، وتصبح أسعار محددة وقطعها موجودة.

ولكن المسألة ليست فقط شائكة لناحية طلب التراخيص أو لناحية التجارة، بل أيضاً لها علاقة بالمعرفة التقنية وسلامة المواطنين. ففي بعض المناطق مثلاً، حيث التيار الكهربائي لا يؤمن أكثر من ساعتين من التغذية يومياً، إن نظام الطاقة الشمسية بحاجة إلى بطاريات "ليثيوم" لتشغيله. ولكن تلك البطاريات سامة وبعض الخبراء يقولون إنها "قنابل مؤقتة"، وقد تعرّض أصحابها للخطر في حال تم التخلص منها بشكل خاطئ.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

تطويق حريق ضخم اندلع في خزان وقود في جنوب لبنان

إيران "تسعى إلى" الاستمرار بإرسال المشتقات النفطية إلى لبنان

مصابون في انفجار مرفأ بيروت يشكون من إحجام الدولة على تقديم الرعاية والدعم المالي لهم بعد الكارثة