في حربٍ تتسع دائرتها يومًا بعد آخر، طالت الهجمات الإسرائيلية في غزة مختلف جوانب الحياة، لتطال روح المجتمع الفلسطيني، مستهدفة المساجد والكنائس ورجال الدين في أنحاء القطاع.
لم تقتصر الغارات على المنازل والمستشفيات في غزة، بل شملت كذلك المساجد والكنائس في أحياء سكنية متعددة. وقد أفاد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، بأن الهجمات التي طالت دور العبادة أسفرت عن مقتل 233 خطيبًا وإمامًا وداعية مسلمًا، إضافة إلى 20 مسيحيًا.
واعتبر الثوابتة في حديث صحافي أنّ رجال الدين يشكّلون عنصرًا أساسيًا في ترسيخ القيم الوطنية والدينية والحفاظ على التماسك الاجتماعي، ورأى أن استهدافهم يؤدي إلى إضعاف خطاب المجتمع على المستويين الديني والوطني.
ومن بين المواقع الدينية المتضررة، تضرّر المسجد العمري الكبير في غزة، هذا الجامع الذي يعود تاريخه إلى قرون تعرض لقصف أطاح بمئذنته وألحق أضرارًا واسعة بأجزائه.
وسُجلت أيضًا أضرار في مساجد أخرى من بينها مسجد السيد الهاشم ومسجد كاتب الولاية. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 835 مسجدًا قد دُمّرَ بالكامل، فيما لحقت أضرار متفاوتة بنحو 180 مسجدًا آخر.
ولم تقتصر الخسائر على المباني فحسب، بل شملت شخصيات دينية بارزة. ومن بينهم: الشيخ يوسف سلامة، وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق، الذي قُتل في قصف استهدف منزله في مخيم المغازي بتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر 2023
كما قُتل وائل الزرد، إمام المسجد العمري والمحاضر الجامعي، بعد غارة جوية على منزله في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
استهداف كنائس مسيحية
تعرضت كنائس رئيسية في غزة أيضًا لغارات متكررة، وتمّ الإبلاغ عن سقوط عشرات القتلى من المسيحيين، بينهم نساء وأطفال. وأُشير إلى استهداف ثلاث كنائس كبرى في مدينة غزة، من بينها كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، وكنيسة العائلة المقدسة (الكاثوليكية/اللاتين)، وكنيسة المعمدانيين الإنجيلية.
ويُذكر أن كنيسة القديس برفيريوس، وهي من أقدم كنائس غزة، كانت قد تعرّضت لضربات أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من النازحين الذين لجأوا إليها.
وفي بيان أصدرته اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين أواخر أيلول/ سبتمبر، انتقدت اللجنة تصريحات أُدلي بها على مستوى دولي وتناول البيان جملة من التطورات قال إنها أدت إلى تراجع الوجود المسيحي في فلسطين التاريخية، مشيرة إلى أن نسبة المسيحيين تقلصت من نحو 12.5% قبل نكبة 1948 إلى نحو 1.2% اليوم، وأن هذا التراجع مرتبطًا وفقًا للبيان بسياسات ترحيل ومصادرة.
وذكرت اللجنة أيضًا تسجيل ضحايا واعتداءات طالت مؤسسات كنسية وممتلكات دينية في أنحاء الضفة الغربية وبيت لحم والقدس، بحسب نص البيان.
مع الإشارة إلى أنه وفقًا نظام روما الأساسي تشكّل الهجمات المتعمدة على أماكن العبادة انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، وفق الصياغة القانونية المعروفة.
ووفق آخر بيانات وزارة الصحة في غزة، ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 67,160 قتيلًا و169,679 جريحًا منذ بدء الحرب على القطاع. كما ارتفع عدد ضحايا ما وصفتها بـ"مصائد موت"، أي طالبي المساعدات، إلى نحو 2,610 قتلى وأكثر من 19,143 جريحًا.