اشتعل الخلاف الدبلوماسي بين الصين واليابان بسبب تصريحات تاكايتشي أمام البرلمان بأن طوكيو قد تردّ عسكريا على أي استخدام للقوة ضد جزيرة تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي لكن تعتبرها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
دعت اليابان مواطنيها المقيمين في الصين إلى ضرورة زيادة اليقظة واتخاذ إجراءات احترازية، بما في ذلك تجنب الأماكن المزدحمة، في ظل تصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في آسيا على خلفية تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية، سناي تاكايتشي، حول تايوان.
وتسببت تصريحات تاكايتشي، التي قالت فيها إن أي هجوم صيني على تايوان قد يهدد بقاء اليابان وقد يدفعها للرد عسكريًا، في اندلاع أزمة دبلوماسية بين بكين وطوكيو لم تشهد لها مثيلاً منذ سنوات. وعلى الرغم من تحرك مسؤول ياباني رفيع المستوى للقاء نظيره الصيني في بكين لمحاولة احتواء التوتر، بدا أن أي اختراق لحل الأزمة بعيد المنال.
من جانبها، طالبت وزارة الخارجية الصينية اليابان بتراجع تاكايتشي عن تصريحاتها، لكن المتحدث باسم الحكومة اليابانية، مينورو كيهارا، أكد أن موقف الحكومة لم يتغير، مشددًا على أن طوكيو تأمل أن تُحل القضايا المتعلقة بتايوان سلمياً عبر الحوار.
تصعيد إعلامي وتهديدات مباشرة
وجه أحد الدبلوماسيين الصينيين تهديدًا مباشرًا لتاكايتشي عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن يحذف المنشور لاحقا، بينما شنت وسائل الإعلام الصينية الرسمية هجمات لاذعة ووصفت وكالة شينخوا تصريحاتها بأنها استدعاء لـ"الشياطين العسكرية اليابانية".
وردت السفارة اليابانية في الصين بتحذيرات لمواطنيها، مشددة على ضرورة احترام العادات المحلية، وتجنب السفر بمفردهم، والحذر عند التعامل مع الصينيين، خاصة عند مرافقة الأطفال، مع الابتعاد فورًا عن أي شخص أو مجموعة تبدو مريبة حتى ولو بشكل طفيف.
تداعيات اقتصادية وسياحية
تقدّر الأرقام أن مئات الآلاف من المواطنين الصينيين ألغوا رحلاتهم المتجهة إلى اليابان، فيما أعلنت عدة شركات طيران صينية، من بينها ثلاث شركات وطنية رئيسية، عن إمكانية الإلغاء المجاني للتذاكر.
وأوضح محلل الرحلات الجوية هانمينغ لي أن نحو 500 ألف تذكرة سفر أُلغيَت بين 15 و17 نوفمبر/تشرين الثاني.
وأفادت صحيفة "جيمو نيوز" أن شركة "سيشوان إيرلاينز" ألغت جميع رحلاتها بين تشنغدو وسابورو من يناير وحتى أواخر مارس، فيما ألغت شركة "سبرينغ إيرلاينز" عدة رحلات، مشيرة إلى أسباب تتعلق بتخطيط الشركة.
كما توقف موزعو الأفلام في الصين عن عرض فيلمين يابانيين على الأقل، فيما وصفت محطة "CCTV" هذه القرارات بأنها "حكيمة"، تعكس المزاج المحلي المتراجع تجاه المنتجات اليابانية.
وقالت وزيرة الأمن الاقتصادي اليابانية، كيمي أونودا: "إذا اعتمدنا بشكل مفرط على بلد يلجأ إلى الإكراه الاقتصادي بمجرد أن يغضب، فإن ذلك يخلق مخاطر كبيرة على سلاسل الإمداد وعلى السياحة"، مؤكدة ضرورة إعادة النظر في الاعتماد الاقتصادي على الصين، خصوصًا في المواد والمعادن النادرة الحيوية لصناعة الإلكترونيات والسيارات.
توتر عسكري
على الصعيد الأمني، عبرت سفن خفر السواحل الصينية المياه المحيطة بجزر في بحر الصين الشرقي التي تسيطر عليها اليابان وتطالب بها الصين، فيما أكدت اليابان أنها أزاحت هذه السفن.
وتؤكد الولايات المتحدة التزامها بالدفاع عن اليابان بموجب معاهدة الأمن المشترك، رغم أنها لا تعترف رسميًا بسيادة اليابان على هذه الجزر.
ومع اقتراب قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، لم يتضح ما إذا كان رئيس وزراء الصين سيجتمع مع تاكايتشي، إلا أن اليابان أعربت عن استعدادها لإجراء "حوارات متعددة" مع بكين. ووصفت خبيرة السياسة الخارجية الصينية بجامعة كورنيل، ألين كارلسون، الوضع بين البلدين بأنه "على حافة السكين"، مع مخاطر كبيرة على الأمن الإقليمي والاقتصاد، وفق ما نقلته وكالة "رويترز".
وتطالب بكين بضم تايوان إلى أراضيها، معتبرة إياها مقاطعة انفصالية، في حين تصر تايوان على استقلالها منذ عام 1949.
وتقع تايوان على بعد نحو 110 كيلومترات من اليابان، وتوفر مياهها طرقًا بحرية حيوية لتجارة طوكيو، كما تستضيف اليابان أكبر وجود عسكري أمريكي خارج الولايات المتحدة.