أكدت إيلينورا توفارو، الباحثة الرفيعة في مرصد ISPI لشؤون روسيا والقوقاز وآسيا الوسطى، في حديث ليورونيوز، أنه لا توجد أي مؤشرات على أنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تجنّب روما عمدًا خلال جولته الأوروبية الأخيرة.
أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الأيام الأخيرة، جولة سريعة شملت أثينا وباريس ومدريد، بحث خلالها ملفات المساعدات مع قادة هذه الدول، في وقت تستمر فيه النقاشات داخل أوروبا حول طبيعة الدعم الذي تحتاجه كييف ووتيرته.
في العاصمة اليونانية، كان محور المحادثات يدور حول الطاقة أكثر من السلاح، إذ حصل زيلينسكي على تأكيد من حكومة كيرياكوس ميتسوتاكيس بشأن تزويد بلاده بالغاز بين يناير ومارس 2026.
أما في باريس، فقد أفضى اللقاء مع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تفاهم جديد يتعلق بالدفاع الجوي. وفي مدريد، كررت إسبانيا رغبتها في الاستمرار بدعم أوكرانيا، رغم أنها ليست من أكثر الحلفاء ثقلًا في هذا الملف.
ورغم أن الجولة مرّت بعدد من العواصم الأوروبية، فإنها لم تتضمن توقفًا في روما، ما أثار تساؤلات في الصحافة الإيطالية: هل السبب سياسي أم مجرد تصادف في جدول المواعيد؟
مصادر من السفارة الأوكرانية في العاصمة الإيطالية نقلتها صحيفة "لا ستامبا" أشارت إلى أنّ اللقاء بين زيلينسكي ورئيسة الوزراء جورجا ميلوني لم يكن مدرجًا أصلًا في البرنامج، موضحة أن الزعيمين التقيا قبل أسابيع قليلة على هامش المجلس الأوروبي في 23 أكتوبر.
لكن هذا التوضيح لم يضع حدًا للجدل داخل الائتلاف الحاكم، حيث عبّر وزير النقل ماتيو سالفيني عن معارضته لحزمة مساعدات جديدة، مستشهدًا باتهامات الفساد الموجهة إلى النخبة السياسية في كييف.
ضغوط داخلية وحسابات عسكرية
في خلفية هذا النقاش، يبرز ملف انضمام إيطاليا إلى مبادرة "PURL" التابعة لحلف شمال الأطلسي، والتي تنص على شراء شركاء أوروبيين أسلحة أميركية مخصصة لأوكرانيا. وحتى الآن، لم تحسم الحكومة الإيطالية موقفها، رغم أن ستة عشر بلدًا أكدّت مشاركتها.
وفي ديسمبر المقبل، يستعد وزير الدفاع غيدو كروزيستو لتقديم الحزمة العسكرية الثانية عشرة إلى لجنة Copasir، في إطار مرسوم جديد سيكون سريًا كما في المرات السابقة.
"لا مؤشرات على تجاهل روما"
إيلينورا توفارو، الباحثة الرفيعة في مرصد "ISPI" لشؤون روسيا والقوقاز وآسيا الوسطى، ترى أن عدم توقف زيلينسكي في روما لا يعكس أي رسالة سياسية سلبية.
وتوضح في حديثها ليورونيوز: "الجولة قصيرة جدًا ولم تشمل عواصم كثيرة. كانت هناك أهداف واضحة بالنسبة لليونان وفرنسا. أما إسبانيا، فهي ليست من أبرز الداعمين رغم استمرارها في تقديم المساعدة". وتضيف: "لا أعتقد أن عدم زيارة زيلينسكي لإيطاليا ينطوي على رغبة في تهميشها. إيطاليا شريك موثوق بالنسبة لأوكرانيا، ومتسق في مواقفه، حتى لو لم يكن بين أكبر المساهمين قياسًا بالناتج المحلي الإجمالي".
وتشير توفارو إلى أنّ روما قدمت أيضًا إشارة واضحة إلى قربها من كييف حين نظّمت مؤخرًا مؤتمر إعادة إعمار أوكرانيا.
تردّد إيطالي واعتبارات اقتصادية
وعن تردد روما في الانضمام إلى مبادرة PURL، تقول الباحثة: "يكفي النظر إلى ما حدث في فرنسا. هناك توجه أوروبي لتعزيز الصناعات الدفاعية الوطنية". وتتابع: "المنطق ذاته ينطبق على مؤتمر إعادة الإعمار: نساعد أوكرانيا، وفي الوقت نفسه تستفيد صناعاتنا واقتصادنا".
أوروبا وأرقام الدعم
تشير بيانات Statista إلى أن الدنمارك تتصدر قائمة المساعدات المقدمة لأوكرانيا بين يناير 2022 ويونيو 2025 قياسًا بالناتج المحلي الإجمالي (2.89 في المئة)، تليها إستونيا (2.8 في المئة) ثم ليتوانيا (2.16 في المئة). وتأتي إيطاليا في المرتبة السابعة والعشرين، بعد فرنسا وألمانيا.
أما في المساعدات العسكرية، فتحتل ألمانيا المركز الأول بـ16.51 مليار يورو، تليها المملكة المتحدة (13.77 مليارًا) والدنمارك (9.16 مليارات). وتأتي إيطاليا في المرتبة الحادية عشرة بمبلغ 1.7 مليار يورو.
وتؤكد توفارو: "في المجال الأمني، تعتبر فرنسا والمملكة المتحدة من أبرز المساهمين. فرنسا لا تكتفي بالتصدير، بل تعمل أيضًا على تصنيع الأسلحة مع أوكرانيا". وتضيف أن كييف تتحرك في الاتجاه نفسه، سعيًا لتعزيز صناعتها الدفاعية ضمن مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وتختم الباحثة حديثها بالإشارة إلى أن "ألمانيا تبقى الدولة الأوروبية التي تقدم أكبر قدر من الأموال والأسلحة لأوكرانيا".