Newsletter الرسالة الإخبارية Events الأحداث البودكاست فيديو Africanews
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

لبنان في صلب حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة.. ما الذي جعل الفضاء الرقمي في صدارة الاهتمام؟

امرأة تستخدم جهاز اللابتوب
امرأة تستخدم جهاز اللابتوب حقوق النشر  Canva
حقوق النشر Canva
بقلم: Clara Nabaa & يورونيوز
نشرت في
شارك محادثة
شارك Close Button

انطلقت اليوم الحملة السنوية "16 يومًا من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي" في لبنان، كما في دول أخرى، محمّلة هذا العام برسالة بارزة: إنهاء العنف الرقمي ضد جميع النساء والفتيات. فما الذي جعل هذا الملف يتصدّر الاهتمام؟

في السنوات الأخيرة، تحولت منصّات التواصل إلى مساحة يتكرر فيها الأذى بحق النساء والفتيات. ومع غياب حماية قانونية واضحة، يتزايد القلق من اتساع ظاهرة العنف الرقمي ومن أثرها النفسي والاجتماعي العميق.

لا يتخذ العنف الرقمي في لبنان شكلًا واحدًا، بل يمتدّ عبر طيف واسع من الممارسات التي تبدأ أحيانًا بتعليق جارح أو رسالة مهينة، وتتدرّج لتصل إلى ابتزاز صريح أو تهديد مباشر بالفضيحة. في هذا الفضاء المفتوح، تتعرّض نساء وفتيات لاختراق حساباتهن، أو مراقبة أجهزتهن.

ويزداد المشهد تعقيدًا مع انتشار التنمر الإلكتروني والتشهير، وانتحال الهوية بواسطة حسابات مزوّرة تستغل صور النساء ومعلوماتهن. وفي كثير من الحالات، تتحول هذه الممارسات إلى ضغط نفسي خانق يترك أثرًا طويل الأمد، ويجعل الحدود الفاصلة بين الإيذاء الافتراضي والعنف الواقعي أكثر هشاشة مما يبدو للوهلة الأولى.

300 حالة شهريًا.. وما خفي أعظم

في لبنان، تُسجَّل نحو 300 حالة عنف رقمي شهريًا، 80% منها تطال نساء وفتيات، بحسب منظمة "فيمايل".

تقول مريم ياغي، ناشطة في قضايا المرأة وعضوة في منظمة "فيمايل"، إن هذا الرقم يبدو صادمًا لكنه لا يعكس الواقع الكامل. فهذه الأرقام تمثل التبليغات فقط، أي الحالات التي شعرت فيها النساء بالأمان الكافي للتواصل مع جهة رسمية أو منظمة حقوقية. أما العدد الحقيقي، وفقًا لها، فهو أكبر بكثير، فالخوف من الحكم الاجتماعي، والعار، والقلق من ردود الفعل، ومحدودية الثقة بالمؤسسات، كلها عوامل تجعل كثيرات يترددن في طلب المساعدة.

الخوف من الحكم الاجتماعي، والعار، والقلق من ردود الفعل، ومحدودية الثقة بالمؤسسات، كلها عوامل تجعل كثيرات يترددن في طلب المساعدة
مريم ياغي
ناشطة في قضايا المرأة وعضوة في منظمة "فيمايل"

وتضيف ياغي في حديث لـ"يورونيوز" أن الملاحظة الميدانية تشير إلى واقع مختلف تمامًا. فعند سؤال النساء عن تجاربهنّ مع العنف الرقمي، غالبًا ما يذكرن تعرضهنّ لشكل واحد على الأقل من أشكاله، سواء كان تنمرًا على الرأي أو المظهر أو المواقف، أو استضعافًا يهدف إلى إقصاء النساء عن المساحات العامة. وهناك أيضًا أشكال أكثر خطورة بحسب ياغي: تهديد مباشر بالأذى، تحرش، ابتزاز، ملاحقة، انتحال شخصية، وسرقة حسابات.

ما الذي يجعل العنف الرقمي أولوية؟

في ظلّ تصاعد حالات العنف الرقمي، وما يرافقها من آثار نفسية واجتماعية خطيرة، أطلقت منظمة "فيمايل" حملتها الأخيرة بعنوان "البلوك المضمون… بكون بالقانون" بهدف دفع البرلمان إلى إقرار قانون وطني يعرّف العنف الرقمي ويوفر حماية حقيقية للنساء والفتيات.

تؤكد ياغي لـ"يورونيوز" أن التركيز على العنف الرقمي لا يستبعد أشكال العنف الأخرى، بل يشكل جزءًا من سلسلة مترابطة، لأن الانتهاك الذي يبدأ على الشاشة قد يتطور إلى تهديد أو أذى واقعي. وتشير إلى أن خطورته تتمثل في قدرته على السيطرة على الضحايا عبر الابتزاز والملاحقة الرقمية وتهديد السمعة، ما يعيق طلب المساعدة ويفاقم الخوف.

16 يومًا من مناهضة العنف ضد المرأة

في إطار حملة الـ "16 يومًا"، تتجه أنظار منظمات المجتمع المدني نحو العنف الرقمي بوصفه أحد أكثر أشكال الأذى انتشارًا في الفضاء اليومي للنساء. ومن أجل التعمّق في كيفية التعامل معه، وما الذي يدفع المنظمات إلى تخصيص جزء واسع من جهودها في قضية العنف الرقمي، تواصلت "يورونيوز" مع جمعية "مفتاح الحياة" في سبيل فهم رؤيتها.

توضح لانا قصقص، مديرة الجمعية، أن العالم الرقمي بات اليوم ساحة إضافية يتكرر فيها العنف ضد النساء، من الابتزاز واختراق الحسابات إلى المراقبة والسيطرة واستعمال تقنيات التزييف العميق. وتشير إلى أن الجمعية تستقبل شكاوى متزايدة لنساء يتعرضن لأذى رقمي، غالبًا من قبل شركاء أو أزواج، أو من مصادر مجهولة تستغل المحتوى الرقمي للإضرار بهن. وتشدد على أن السخرية والتنمر واستخدام المحتوى المفبرك باتت أدوات مباشرة لإيذاء النساء، ما يجعل التعامل مع هذا الملف ضروري.

الجمعية تستقبل شكاوى متزايدة لنساء يتعرضن لأذى رقمي، غالبًا من قبل شركاء أو أزواج، أو من مصادر مجهولة تستغل المحتوى الرقمي للإضرار بهن.
لانا قصقص
مديرة جمعية "مفتاح الحياة"

أما في ما يتعلق بنشاطات "مفتاح الحياة" ضمن حملة الـ16 يومًا، فتتوزع على عمل رقمي وآخر ميداني. الحملة الإلكترونية تمتد حتى نهاية الشهر بالتعاون مع مؤثّرات ونساء متخصصات لتقديم رسائل توعوية حول حماية النساء من العنف الرقمي. وعلى الأرض، تنظم الجمعية ورش عمل بعنوان "Cyber Smart Mothers" لتمكين الأمهات من أدوات الأمان الرقمي، إضافة إلى ورش فنية تستخدم الإبداع كمساحة لطرح هذا الموضوع.

وتعمل الجمعية أيضًا على جلسات مع نساء وشابات، ومع مدربي رياضة وتغذية، للربط بين العناية بالجسد وتعزيز الشعور بالأمان الرقمي. كما ستنفذ ورشًا مخصصة للشباب ضمن منهجية "التعلم عبر الأقران" ليقودوا بأنفسهم نشر الوعي داخل محيطهم.

كيف نواجه العنف الرقمي؟

توضح ياغي أن معالجة العنف الرقمي لم تعد ممكنة بالأدوات التقليدية، فالعالم الرقمي بات جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، ومعه ظهرت أشكال جديدة من السيطرة والابتزاز تتطلب مقاربة سياسية وقانونية مختلفة. وتشدد على أن القضية ليست حدثًا فرديًا، بل ظاهرة مجتمعية متصاعدة تحتاج إلى قانون واضح يحدد المسؤوليات ويوفر حماية فعلية للنساء والفتيات، لذلك تواصل "فيمايل" الضغط من أجل إقرار قانون وطني لمكافحة العنف الرقمي، إلى جانب توفير الدعم النفسي والاجتماعي والاستشارات القانونية للناجيات.

وفي موازاة المسار القانوني، تشير قصقص إلى أن المواجهة تحتاج أيضًا إلى تغيير ثقافي وتربوي، فالأسرة مطالبة ببناء علاقة ثقة مع الأبناء، تقوم على الحوار بدل اللوم، وتعليمهم مفهوم الخصوصية وضرورة التبليغ عند أي تهديد. وفي المدرسة، يصبح إدماج التربية الرقمية وتدريب الطلاب على التفكير النقدي ومكافحة التنمر الإلكتروني خطوات أساسية لبناء بيئة آمنة. أما على مستوى المجتمع، فتدعو قصقص إلى التوقف عن تداول المحتوى المسيء أو المفبرك، ودعم النساء بدل توجيه اللوم إليهن، وتعزيز ثقافة التبليغ.

انتقل إلى اختصارات الوصول
شارك محادثة

مواضيع إضافية

في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد النساء: عن المرأة العربية وصنوف المعاناة النفسية والجسدية

منتدى المرأة في باريس: نساء يُطالبن بقوانين ضد التمييز والعنف خصوصًا في مجال الرياضة

برلمان لاتفيا يصوت على الانسحاب من معاهدة مناهضة العنف ضد المرأة