هذه أول شكوى قانونية تتعلق بالغارات الجوية المنفذة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي خلّفت ما لا يقل عن 83 قتيلاً قبالة سواحل أميركا الوسطى والجنوبية.
قدّمت عائلة صياد كولومبي قُتل في غارة جوية أميركية فوق البحر الكاريبي شكوى رسمية إلى لجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان، متهمة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانتهاك القانون الدولي من خلال تنفيذ عملية قتل خارج نطاق القضاء دون محاكمة أو إجراءات قانونية.
اتهامات بانتهاك القانون الدولي
وتقول عائلة أليخاندرو كاررانزا مدينا إن الضحية حُرم من حقوقه المكفولة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الحق في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة، عندما قُتل في غارة الخامس عشر من أيلول/سبتمبر قرب السواحل الكولومبية، في ما وصفته السلطات الأميركية بأنه هجوم استهدف مهربي مخدرات.
وهذه الشكوى هي أول طعن قانوني يستهدف الغارات الجوية المنفذة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهي غارات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 83 شخصا قبالة سواحل أميركا الوسطى والجنوبية.
اتهام مباشر لوزير الحرب الأميركي
وجاء في الشكوى أن "من خلال التقارير الإخبارية، نعلم أن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث كان مسؤولا عن إصدار أوامر قصف القوارب مثل تلك التي كان على متنها أليخاندرو كاررانزا مدينا وقتل كل من كانوا على متنها". وأضافت العائلة أن الوزير هيغسيث "أقر بأنه أعطى هذه الأوامر رغم أنه لم يكن يعرف هوية الأشخاص المستهدفين بهذه التفجيرات وعمليات القتل خارج نطاق القضاء".
حدود صلاحيات اللجنة وتأثير قراراتها
لجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان تُعد إحدى أبرز الآليات لمساءلة الحكومات في نصف الكرة الغربي. لكن الولايات المتحدة لم تصادق على المعاهدة الخاصة بتنفيذ قرارات اللجنة، ولا تعتبر نتائجها ملزمة قانونيا. ورغم ذلك، فإن أي قرار ضد واشنطن يعد إحراجا لبلد اعتاد تقديم نفسه مدافعا عن سيادة القانون وحقوق الإنسان.
وتقول العائلة إن كاررانزا كان صيادا يعمل أحيانا في قيادة القوارب لحساب آخرين. وكان الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو قد ذكر في تشرين الأول/أكتوبر أن الرجل قد يكون "منخرطا بين حين وآخر" في تجارة المخدرات، دون تقديم أي أدلة تؤكد تورطه المباشر.
موقف البيت الأبيض
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي إن جميع الضربات العسكرية "استهدفت نارجو إرهابيين مصنفين يجلبون سموما قاتلة إلى شواطئنا"، مؤكدة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "سيواصل استخدام كل عناصر القوة الأميركية لوقف تدفق المخدرات إلى بلادنا".
التحرك القانوني والعقبات
وقال محامي العائلة، دان كوفاليك، الذي يمثل أيضا الرئيس غوستافو بيترو، إنه التقى ذوي الضحية الشهر الماضي في كولومبيا، وإنه لجأ إلى لجنة الدول الأميركية بسبب "العقبات الكثيرة" التي تحول دون رفع دعوى مباشرة ضد مسؤولين أميركيين، خصوصا عندما يتعلق الأمر بعمليات نفذت خارج الأراضي الأميركية. وأقر كوفاليك بأن اللجنة تفتقر إلى سلطة التنفيذ، لكنه قال إنه يأمل بأن "تؤدي القضية، مع الضغط العام، إلى دفع الولايات المتحدة لاتخاذ خطوة ما".
ضربة أخرى تثير الجدل
وتأتي الشكوى في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا متزايدة من الحزبين في الكونغرس بعد ضربة الثاني من أيلول/سبتمبر، حيث نفذ الجيش الأميركي ضربة ثانية قتل فيها ناجيان من الغارة الأولى في البحر الكاريبي. وقال رؤساء لجان برلمانية إنهم سيجرون "رقابة صارمة" بعدما كشفت صحيفة واشنطن بوست أن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث هو من أجاز تنفيذ الضربة، وهو ما يعتبره بعض النواب "جريمة حرب محتملة".
الدفاع عن القرار داخل الإدارة
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن الوزير هيغسيث فوّض الأدميرال فرانك برادلي بإصدار أمر تنفيذ الضربة، مؤكدة أن برادلي كان "ضمن صلاحياته الكاملة" للقيام بذلك. ودافع هيغسيث عن القرار قائلا إن "ضباب الحرب" يفسر ما حدث، مشيرا إلى أنه "لم يبق لمتابعة" الضربة الثانية بعد تنفيذ الأولى.
وأحال البنتاغون الأسئلة إلى وزارة العدل التي لم ترد على طلب للتعليق بشأن الشكوى المقدمة ضد الحكومة الأميركية.
أدلة متراكمة
ويرى المحامي دان كوفاليك أن الجدل حول ضربة الثاني من أيلول يعزز الشكوى المقدمة ضد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال لصحيفة بوليتيكو: "هذا يضاف إلى الأدلة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة متورطة في قتل أشخاص لا تعرف حتى هوياتهم، وفي قتل أشخاص دون محاكمة، ودون منحهم أي فرصة للدفاع عن أنفسهم".