دعت المنظمة إلى "إنهاء عمل صناديق الاستثمار المناخي"، مشيرة إلى أن هذه الصناديق ــ التي يديرها البنك الدولي ــ باتت تفتقر إلى الشرعية بعد أن أكمل الصندوق الأخضر للمناخ عقداً من العمل كآلية تمويل شرعية خاضعة لسيطرة الدول الأطراف.
كشف تقرير صادر عن منظمة "أكشن إيد" الدولية أن التمويل المناخي العالمي يكاد يُهمِل تماماً البُعد الاجتماعي للاستجابة لأزمة المناخ، إذ لا يتجاوز نصيب المشاريع التي تراعي مصالح العمال والمجتمعات المتأثرة 3% من إجمالي المساعدات المخصصة لخفض الانبعاثات.
وصدر التقرير قبل أيام من انعقاد الدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 30) في بيليم بالبرازيل، محذّراً من أن السياسات الحالية تخاطر "بتعميق التفاوتات" بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للأزمة.
واعتمد التحليل على مراجعة شاملة لجميع المشاريع الممولة من الصندوقين المناخيين الدوليين الرئيسيين: "الصندوق الأخضر للمناخ" و"صناديق الاستثمار المناخي". وشمل التقييم 644 مشروعاً — 178 من الصندوق الأخضر، و466 من الصناديق الأخرى — باستخدام مؤشرات تقييم موحدة تم التحقق منها يدوياً بعد تحليل أولي حاسوبي.
وركّزت المعايير على أربعة محاور: مشاركة حقيقية للعمال والنساء والمجتمعات المتأثرة، وانخراط المشروع في التحوّل النظامي بعيداً عن الوقود الأحفوري والزراعة الصناعية الملوِّثة، ووجود آليات لإعادة التأهيل المهني أو دعم سبل العيش البديلة، وقدرة المشروع على معالجة التفاوتات البنيوية.
وخلص الباحثون إلى أن "مشروعاً واحداً فقط من بين كل 50" يفي بمعايير "الانتقال العادل" — وهو ما وصفوه بأنه "منخفض بشكل مذهل".
وقالت تيريزا أندرسون، مسؤولة العدالة المناخية العالمية في "أكشن إيد": "ثمة سبب خفي وراء بطء العمل المناخي: الناس يُجبرون على الاختيار بين وظيفة توفر لهم لقمة العيش وبين كوكب صالح للحياة. والواقع أن المشاريع الحالية لا تفعل ما يكفي لطمأنتهم بأن هذا الخيار مفتعل".
ولم يقتصر الإهمال على عدد المشاريع، بل طال أيضاً توزيع الموارد. فبينما بلغ إجمالي التمويل المناخي المُوجَّه لمشاريع خفض الانبعاثات مليارات الدولارات، فإن "الدولار الواحد من بين كل 35 دولاراً" فقط خُصص لدعم مبادرات تراعي العدالة الاجتماعية. وخلال أكثر من عقد، لم يتجاوز إجمالي ما تلقّته هذه المشاريع 630 مليون دولار، أي أقل من تكلفة يخت جيف بيزوس الفاخر.
حذّر التقرير من أن هذا الإهمال لا يُعدّ خللاً أخلاقياً فحسب، بل يشكل "ثغرة عملية" تقوّض فعالية السياسات المناخية نفسها، مستشهداً بمشروع في بنغلادش دعا المزارعين إلى استبدال زراعة الأرز — المرتفعة الانبعاثات — بزراعة المانجو، من دون أن يشمل في مشاوراته سوى ملاك الأراضي، متجاهلاً تماماً النساء اللواتي يعتمدن على تحويل الأرز إلى منتجات غذائية محلية.
وأشارت أندرسون إلى أن غياب التشاور أدّى إلى تصميم مشروع غير قابل للاستمرار، إذ يُحصَد المانجو مرة واحدة سنوياً مقابل ثلاث مواسم للأرز، ما حوّله إلى "كارثة اقتصادية" على الفئات الأضعف.
ويأتي نشر التقرير في وقت تستعد فيه البرازيل لاستضافة كوب 30، حيث وضع المنظمون برنامج "الانتقال العادل" على رأس أولويات المفاوضات.
وتطالب منظمات المجتمع المدني المفاوضين بإعادة إحياء البرنامج الذي أُطلق في كوب 27 دون متابعة، واعتماد "آلية عمل بيليم" لتحويله إلى خطة ملموسة لرفع التمويل المخصص لهذه المشاريع.
ووصفت أنا بيلا روزيمبرغ، المستشارة العليا في شبكة العمل المناخي الدولية، المعطيات الجديدة بأنها "صادمة"، مؤكدة أن تنفيذها سيُسهم في "نقل العدالة من الهوامش إلى قلب جدول الأعمال المناخي".
ودعت "أكشن إيد" الدول الغنية إلى الالتزام بتقديم تريليونات الدولارات سنوياً "منحاً لا قروضاً" لدعم انتقال عادل في دول الجنوب، وطالبت بإعادة ضبط مبادئ الصندوق الأخضر للمناخ لجعل العدالة الاجتماعية حجر الزاوية في تمويل المشاريع.
كما دعت المنظمة إلى "إنهاء عمل صناديق الاستثمار المناخي"، مشيرة إلى أن هذه الصناديق ــ التي يديرها البنك الدولي ــ باتت تفتقر إلى الشرعية بعد أن أكمل الصندوق الأخضر للمناخ عقداً من العمل كآلية تمويل شرعية خاضعة لسيطرة الدول الأطراف.
وقالت أندرسون: "الصناديق تلك أُنشئت ببند إنهاء صريح. وقد حان وقت تصفية دورها".
وختمت قائلة "لا يزال كثيرون يعاملون العدالة كخيار زائد في العمل المناخي. لكننا نسمع حججاً مثل: لا وقت لدينا، لا أموال فائضة. والحقيقة أن هذه الاختصارات التي تتجاهل العدالة هي التي تطيل الطريق، لأنها تجعل الناس يرفضون التغيير بدل أن ينخرطوا فيه".