عند الإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبة القلبية، يفقد الإنسان حوالي مليوني خلية عصبية كل دقيقة، ما يؤدي إلى تلف دائم في كلا العضوين.
أثناء دراسة سم أحد العناكب التي تشبه صغار الرتيلاء، اكتشف العلماء في أستراليا مركبًا طبيعيًا فريدًا قادرًا على حماية الخلايا من التلف الناتج عن النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
مركب فعّال
أظهر التحليل أن السم يحتوي على تركيزات عالية من الببتيدات، وهي جزيئات صغيرة تشكل اللبنات الأساسية للبروتينات الأكبر حجمًا.
وقد دفع هذا الاكتشاف الدكتور غلين كينغ، عالم الكيمياء الحيوية في جامعة كوينزلاند وخبير سموم العناكب، إلى الاستفادة منه لتطوير دواء واعد قد يمنع تلف الأنسجة الناتج عن النوبات القلبية أو السكتات الدماغية في المستقبل.
كيف يعمل الدواء؟
أثناء الإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبة القلبية، يفقد الإنسان حوالي مليوني خلية عصبية كل دقيقة، ما يؤدي إلى تلف دائم في كلا العضوين.
وعند انقطاع تدفق الدم المفاجئ، تحدث سلسلة من التفاعلات المعقدة، حيث تُحرم الخلايا من الأكسجين، مما يدفعها لتفكيك الجلوكوز (السكر) لإنتاج الطاقة.
نتيجة لذلك، يتراكم حمض اللاكتيك، الذي يتشكل عندما يحول الجسم السكر إلى طاقة، وتصبح البيئة داخل الخلايا شديدة الحموضة، فتنشط إشارات الإجهاد التي تأمر الخلايا بالموت.
هنا يأتي دور المركب المستخلص من سم العناكب، إذ يساعد على تعديل الإشارات العصبية أثناء النوبات، مما يحمي الخلايا من التلف.
فالسم، الذي تستخدمه العناكب لشل حركة فريستها، يعطل الجهاز العصبي، لكنه يمكن أن يكون للإنسان فرصة ثمينة لتطوير الأدوية، إذ أن مركباته تستطيع الدخول إلى مسارات صغيرة داخل الخلايا تُسمى قنوات الأيونات.
هذه القنوات تسمح للجزيئات المشحونة كهربائيًا بالمرور داخل الخلية، وهو أمر مهم لتنظيم وظائف الجسم الحيوية مثل عمل الأعصاب، حركة العضلات، والإحساس بالحواس.
نتائج ممتازة على الفئران
بدوره، أوضح الدكتور كينغ أن سم العنكبوت القمعي الموجود في جزيرة فريزر أظهر قدرة على تقليل موت الخلايا العصبية بنسبة 80% في الفئران، حتى بعد مرور أربع ساعات من بداية السكتة الدماغية.
وقد طور الباحثون من هذا المركب دواءً اصطناعيًا، من المقرر أن تبدأ تجاربه السريرية على البشر المصابين بالنوبات القلبية لاحقًا هذا العام.
وإذا ثبتت فعالية الدواء وأمانه، فقد يصبح متاحًا لأطقم الطوارئ ومقدمي الرعاية الصحية خلال خمس سنوات، ليكون ثورة حقيقية في إنقاذ الأرواح بعد النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
كما يمكن أن يكون مفيدًا في علاج الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الجهاز العصبي، أو حالات مؤلمة مثل الانتباذ البطاني الرحمي، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الأمراض الأخرى.