تكشف دراسة واسعة ان شكل عضلة "الالوية الكبرى" يحمل إشارات مبكرة على مشكلات ايضية مثل داء السكري، ويرى الباحثون ان تحليل هذه العضلة قد يصبح اداة جديدة للكشف المبكر.
يشير بحث جديد إلى أن التغيرات التي تظهر في شكل عضلة الالوية الكبرى (عضلة المؤخرة)، وهي اكبر عضلة في جسم الانسان، قد تكشف عن مخاطر صحية خفية تتعلق بوظائف الايض وبحالات مثل داء السكري من النوع الثاني. وسيتم عرض هذا البحث في الاجتماع السنوي لجمعية الاشعة في اميركا الشمالية بين الثلاثين في الرابع من كانون الاول/ديسمبر في شيكاغو.
ويرى الباحثون ان شكل هذه العضلة يتبدل بفعل نمط الحياة والتقدم في العمر وحالات مثل هشاشة العظام والسكري، وان هذه التبدلات البنيوية قد تكون مؤشرا مبكرا على تراجع الايض قبل ظهور الاعراض.
مؤشرات مبكرة على التدهور الايضي
توضح مارجولا ثاناج، كبيرة الباحثين في جامعة ويستمنستر، ان عمل الفريق يشير الى ان التغيرات الدقيقة في شكل عضلة الالوية الكبرى يمكن ان تكون علامة مبكرة على التدهور الايضي. وتشير الى ان الترقق الموضعي او الانبعاج نحو الخارج، وهو ما يرتبط غالبا بترسب الدهون، يعكس تغيرات بنيوية مبكرة داخل العضلة ترتبط مباشرة بالتمثيل الغذائي.
وتضيف ان المزيد من الابحاث ضروري لتحديد القيمة التنبؤية لهذه العلامات، لكنها تؤكد ان تحليل الشكل الثلاثي الابعاد للعضلة قد يساعد في التعرف الى الافراد الذين يبدأون بإظهار اشارات اولية لخلل في الوظائف الايضية.
تقنية الدراسة والبيانات المستخدمة
استند الفريق الى تقنية رسم خرائط متقدمة تعالج سلسلة من صور الرنين المغناطيسي لإنشاء نموذج تشريحي ثلاثي الابعاد اكثر تفصيلا للعضلة. كما اعتمد على بيانات مأخوذة من 61,290 فحص رنين مغناطيسي من بنك البيانات الحيوية في المملكة المتحدة، وهو واحد من اكبر المشاريع البحثية التي تجمع معلومات صحية وحياتية وبنيوية عن عشرات الآلاف من المشاركين. ومن خلال ربط الصور التفصيلية بستة وثمانين متغيرا صحيا واجتماعيا، تتبع الباحثون كيفية ارتباط هذه العوامل بتغيرات شكل العضلة عبر الزمن.
اختلاف تأثير داء السكري بين الرجال والنساء
تكشف الدراسة عن ان داء السكري من النوع الثاني يترك اثرا واضحا على شكل العضلة، وان هذا الاثر يختلف بشكل ملحوظ بين الرجال والنساء. فالرجال المصابون بالنوع الثاني من السكري يعانون من انكماش في عضلة الالوية الكبرى وظهور مناطق تنغمس نحو الداخل على سطح العضلة، وهو ما يعكس ضمورا مبكرا وموضعيا في بنيتها. في المقابل، تظهر النساء المصابات بالسكري توسعات نحو الخارج في مناطق محددة، ويربط الباحثون هذه التوسعات بتسلل الدهون الى داخل النسيج العضلي او بين الالياف، ما يؤدي الى تضخم ظاهري في العضلة. وترى ثاناج ان هذه العلامات المتعاكسة بين الجنسين تؤكد ان المرض ذاته يظهر بطرق مختلفة، وان القياسات التقليدية لحجم العضلة او كتلتها لا تلتقط هذه الفروق.
الضعف الجسدي وتأثيره على شكل العضلة
توضح الدراسة ان الضعف الجسدي يؤدي بدوره الى تغيرات في شكل العضلة، إذ يظهر الرجال المصنفون ضمن فئة “الضعفاء” انكماشا شاملا في كامل عضلة الالوية الكبرى، بينما يظهر هذا الاثر لدى النساء في مناطق محدودة فقط. ويرى الباحثون ان هذه الفروق البنيوية تسلط الضوء على اختلاف بيولوجي مهم بين الجنسين في طريقة استجابة العضلات للاضطرابات المرتبطة بالايض، خصوصا في ما يتعلق بعدم تحمل الانسولين.
ابعاد سريرية وامكانات علاجية جديدة
تشرح ثاناج ان الاشخاص المصابين بالنوع الثاني من السكري يواجهون غالبا مشكلات في الجهاز العضلي الهيكلي تحد من قدرتهم على ممارسة الرياضة، ما يزيد من حدة الاعراض. وتؤكد ان فهم التغيرات البنيوية داخل عضلة الالوية الكبرى يساعد في تفسير هذه المشكلات وفي تطوير برامج علاج فيزيائي اكثر دقة وفعالية. وتشير الى ان تتبع شكل العضلة بمرور الزمن قد يتيح للأطباء معرفة ما اذا كان التدخل العلاجي يساهم فعلا في تحسين صحة البنية العضلية وليس حجمها الظاهري فقط.
دور الشكل في تطوير استراتيجيات صحية ادق
توضح اي لويز توماس، استاذة التصوير الايضي في جامعة ويستمنستر، ان عضلة الالوية الكبرى تلعب دورا محوريا في الصحة الايضية والحركية، وان تحليل شكلها يوفر مدخلا دقيقا لفهم وظائف العضلات. وترى ان نمذجة الشكل الاحصائية يمكن ان تساهم في الكشف المبكر عن مخاطر الاضطرابات الايضية، وفي متابعة تأثير العلاجات، وفي تصميم تدخلات تراعي الفروق بين الجنسين، وفي وضع خطط للحفاظ على القوة الحركية والوظائف الايضية عبر مراحل العمر.
تشير الدراسة الى ان التغيرات في شكل عضلة الالوية الكبرى ترتبط بداء السكري من النوع الثاني، وهشاشة العظام، والتدهور الايضي المبكر، والضعف الجسدي، وان هذه التغيرات قد توفر مؤشرات مبكرة تساعد في تحسين الكشف والتدخل قبل تفاقم المشكلات الصحية.